عمليّة ، وقد ذكر بأنّ أساس هذا التقسيم وسببه هو أنّ الإنسان متكوّن من بُعدين أحدهما نظري والآخر عملي . والمصنّف إنّما استخدم كاف التشبيه في قوله : ( كالمعجون ) للإشارة إلى أنّ حقيقة الإنسان وهويّته ليست مركّبة من الروح والبدن ، وإنّما هي حقيقة واحدة شخصيّة ذات مراتب متفاوتة ومتعدّدة ، فبعض مراتب تلك الحقيقة الواحدة مادّية جسمانية وبعضها الآخر مجرّدة عن المادّة ، وهذا ينسجم تماماً مع ما يؤكّد عليه صدر المتألّهين من أنّ النفس الإنسانيّة مادّية الحدوث وروحانيّة البقاء ، فالتجرّد عن المادّة ليس شيئاً مغايراً لحقيقة الإنسان الواحدة ، ولا هو جزءاً من مركّب تلك الحقيقة ، وإنّما هو مرتبة من مراتبها الواحدة الشخصيّة . 11 - قوله « قدس سره » : ( صورة معنويّة أمرية ومادّة حسّية خلقيّة ) . لقد جاء التعبير عن النشأة المجرّدة ونشأة عالم المادّة بألفاظ وأسامي مختلفة ، كالتعبير عنهما بعالم الخلق وعالم الأمر أو عالم الجسم وعالم الروح أو عالَمي التكوين والإبداع أو الهيولى والتجرّد أو الحركة والثبات أو المجاز والحقيقة أو الزمان والدهر أو الغفلة والذِّكر ، وقد أحصى بعض المحقّقين أكثر من ثلاثة وثلاثين اصطلاحاً للأعلام في هذا المجال [1] . وعالم الخلق والأمر في عبارة المصنّف من التعابير القرآنية ، كما جاء ذلك في قوله تعالى : * ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) * [2] . ويقول الحكماء : بأنّ المراد من عالم الأمر هو عالم التجرّد ، وهو العالم الذي لا يتوقّف وجود الشئ فيه على مكان وزمان أو مادّة واستعداد أو خروج من القوّة إلى الفعل ، ويسمّى إيجاد الشئ في هذا العالم بالإيجاد الإبداعي ، وهو
[1] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، صحّحه وعلّق عليه حسن حسن زاده آملي ، مصدر سابق : ج 1 ص 29 . [2] الأعراف : 54 .