وفي تطبيق ذلك على مواضيع كتاب الأسفار يقول الحكيم القمشئي : « وبما فيه من إثبات الجواهر القدسية ، النفوس المجرّدة كفيل السفر الثالث » [1] ففي هذا السفر العلمي الثالث يحقّق الحكيم في أبحاث الجوهر والأعراض من زاوية إلهية لا من زاوية طبيعية ، وفي ذلك يقول السيد القزويني ( : « ثمّ إنّ الحكيم المتألّه المصنّف للكتاب جعل السفر الثالث من كتابه في الجواهر والأعراض ، لكن يبحث عنها بالنظر الإلهي لا بالنظر الطبيعي ، فهذا الباب من الكتاب مطابق لسفر السالك من الحقّ إلى الخلق » [2] . وما نراه فيما يتعلّق بالأجزاء التي بحثت فيها مواضيع السفر الثالث من كتاب الأسفار الأربعة ، هو أنّ المصنّف قد شرع فيها في الجزء السابع منه ، بينما يرى البعض أنّها دوّنت ضمن جزئيه السادس والسابع ، وقد عرفت آنفاً أنّ الجزء السادس قد تناول فيه المصنّف أبحاث السفر العلمي الثاني . رابعاً : إنّ جميع الأبحاث المرتبطة بالنفس والمعاد وكيفيّة العود وما يرتبط بذلك فإنّها تندرج ضمن أبحاث السفر العلمي الرابع . يقول الحكيم القمشئي ( في تصوير الحكماء لهذا السفر العلمي : « ثمّ ينظرون في خلق السماوات والأرض ويعلمون رجوعها إلى الله ويعرفون مضارّها ومنافعها ، وما به سعادتها وشقاوتها في الدنيا والآخرة فيعلمون معاشها ومعادها . . . وبالجملة كلّ ما جاء به الأنبياء وأخبر به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وهذا هو السفر الرابع من الأربعة العقلية بإزاء ما لأهل الله وهو من الخلق إلى الخلق بالحقّ » [3] ، فالسير العلمي في النفس
[1] الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة : ج 1 ص 16 . [2] الإسفار عن الأسفار ، مصدر سابق : ج 1 ص 11 . [3] الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، مصدر سابق : ج 1 ص 16 .