الكائن وراء اللفظ والذي تتّسم به الذات الإلهية ، فالإنسان عندما ينادي : يا محيي ، يا شافي ، يا مُعطي ، يا واهب . . . فإنّه لا يُريد بندائه هذا مجرّد الاسم اللفظي ولا معناه الماثل في الصورة الذهنية ، وإنّما يعني به الوجود العيني ، وإلاّ فلا خصوصية للّفظ في نفسه ولا لصورته الذهنية مطلقاً . إذن فالسفر الثاني هو سير في اللا متناهي وسير في عالم الوحدة الحقّة الحقيقيّة ، بعد أن كان السالك قد انتهى من عالم الكثرة وصار وجوده حقّانياً ، وعندئذٍ يكون العبد السالك وليّاً من أولياء الله تعالى ، وذلك من خلال وقوفه الفعلي على حقيقة الأسماء والصفات الإلهية ولوازمها ومقتضياتها ، بحسب ما يحتمله وعاء السالك وما نهضت به همّته . وينبغي أن يُعلم أنّ الشروع في هذا السفر إنّما يكون بعد زوال المحو وعودة الصحو إذا أدركته العناية الإلهية [1] ، فيبدأ سيره اللا متناهي نحو المنتهى . < فهرس الموضوعات > خصوصيات السفر الثاني < / فهرس الموضوعات > خصوصيات السفر الثاني يوجد في هذا السفر أيضاً جملة من الخصوصيات التي يتميّز بها عن بقية الأسفار ، وهي كالتالي : < فهرس الموضوعات > 1 . وحدة المبدأ والمنتهى < / فهرس الموضوعات > 1 . وحدة المبدأ والمنتهى لقد اتضح أنّ المبدأ في السفر الأوّل هو عالم المادّة وأنّ المنتهى هو الله سبحانه وتعالى ، وأمّا في السفر الثاني فإنّ السالك قد وصل إلى الحقّ تعالى ، فيكون المبدأ في هذا السفر هو الله تبارك وتعالى وإليه أيضاً يكون المنتهى . فالسالك في خاتمة سفره الأوّل قد انتهى إلى معرفة إجمالية عن الحقّ ، ولم يدخل عالم الأسماء والصفات والأفعال الإلهية بعد ؛ ولذا سوف يبدأ في سفره
[1] رسالة في تحقيق الأسفار الأربعة ، مصدر سابق : ص 394 .