الثاني بالحصول على معرفة من نوع آخر ، وهي المعرفة الأسمائية والصفاتية التفصيلية للحقّ تعالى ، فإنّ العبد السالك سوف يكون مظهراً لتلك الأسماء والصفات كلّها أو جُلّها أو بعضها - بحسب همّته - وهذا ما عنيناه بالمعرفة التفصيلية . ويرى السيد الخميني ( أنّ السالك في هذا السفر يسير من الحقّ المقيّد إلى الحقّ المطلق ، والحقّ المقيّد هو خاتمة الوصول في السفر الأوّل ، ومنه ينطلق في السفر الثاني إلى الحقّ المطلق . ولعلّ مُراده من المقيّد والمطلق هو المتناهي وغير المتناهي ، فإنّ معرفة العبد بالله تعالى في جميع مراتب السفر الأوّل مقترنة بمحدودية العبد وتناهيه ؛ ولذلك لا يمكنه أن يصل إلى المعرفة اللا متناهية المرتبطة بالمعرَّف اللا متناهي . بعبارة أخرى : إنّ العبد ما دام في وجوده غير إلهيّ ومتعلّقاً بعالم الدنيا ؛ فإنّ غاية ما يمكنه الوصول إليه في سفره الأوّل هو المعرفة المتناهية والمقيّدة ، لأنّه لم يصر بعدُ وجوداً حقّانياً لا متناهياً ، ثم تبدأ عنده بعد ذلك معرفة جديدة ومن نوع آخر وهي السير إلى المطلق اللا متناهي ، بعد أنّ صار وجوده حقّانياً . أمّا عبارته ( فهي : « ويأخذ في السفر الثاني وهو من الحقّ المقيّد إلى الحقّ المطلق ، فيضمحلّ الهويّات الوجودية عنده ، وتستهلك التعيّنات الخلقية بالكلّية لديه . . . » [1] فيسافر السالك في الأسماء الإلهية الكلّية والجزئية وفي الصفات الإلهية بصفتها أعياناً خارجية . ولعلّك تسأل : كيف ينسجم هذا التعدّد في الوجود للأسماء والصفات ، مع فرض أنّ الذات المسمّاة والموصوفة والفاعلة واحدة ، وتلك الأسماء
[1] مصباح الهداية في الخلافة والولاية ، مصدر سابق : ص 88 .