responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفلسفة نویسنده : السيد كمال الحيدري    جلد : 1  صفحه : 131

إسم الكتاب : الفلسفة ( عدد الصفحات : 470)


ويشيبُ فيها الصغيرُ ، ويكدحُ فيها مؤمنٌ حتّى يلقَى ربَّه » . فصرتُ ثانياً عنانَ الاقتداءِ بسيرتِه ، عاطفاً وجهَ الاهتداءِ بسنّتِه ، « فرأيتُ أنّ الصبرَ على هاتي أحْجَى ، فصبرتُ وفي العينِ قذًى ، وفي الحلقِ شجى » ، فأمسكتُ عناني عن الاشتغالِ بالناسِ ومخالطتِهم ، وأيستُ عن مرافقتِهم ومؤانستِهم ، وسهلتُ على معاداةِ الدورانِ ومعاندةِ أبناءِ الزمانِ ، وخلصتُ من إنكارِهم وإقرارِهم ، وتساوَى عندي إعزازُهم وإضرارُهم . فتوجّهتُ توجّهاً غريزيّاً نحو مسبّبِ الأسبابِ ، وتضرّعتُ تضرّعاً جبليّاً إلى مسهّلِ الأمورِ الصعابِ .
فلمّا بقيتُ على هذا الحالِ من الاستتارِ والانزواءِ ، والخمولِ والاعتزالِ ، زماناً مديداً وأمداً بعيداً ، اشتعلتْ نفسي لطولِ المجاهداتِ اشتعالاً نوريّاً ، والتهبَ قلبي لكثرةِ الرياضاتِ التهاباً قويّاً ، ففاضتْ عليها أنوارُ الملكوتِ ، وحلّتْ بها خبايا الجبروتِ ، ولحقتْها الأضواءُ الأحديةُ ، وتداركتْها الألطافُ الإلهيةُ ، فاطّلعتُ على أسرارٍ لم أكنْ أطّلعَ عليها إلى الآنَ ، وانكشفتْ لي رموزٌ لم تكن منكشفةً هذا الانكشافَ من البرهان ، بل كلُّ ما علمتُه من قبلُ بالبرهان ، عاينتُه مع زوائدَ بالشهودِ والعيانِ ، من الأسرارِ الإلهيةِ ، والحقائقِ الربانيةِ ، والودائعِ اللاهوتيةِ ، والخبايا الصمدانيةُ ، فاسترْوَحَ العقلُ من أنوارِ الحقِّ بكرةً وعشيّاً ، وقُربَ بها منه وخلُص إليه نجيّاً . فركى بظاهرِ جوارحِه فإذا هو ماءٌ ثجّاجٌ ، وزوى بباطنِ تعقّلاتِه للطالبين فإذا هو بحرٌ موّاجٌ ، أوديةُ الفهومِ سالتْ مِن فيضِه بقدرِها ، وجداولُ العقولِ فاضتْ من رشحِه بنهَرِها ، فأبرزتِ الأوادي على سواحلِ الأسماعِ جواهرَ ثاقبةً ودرراً ، وأنبتتْ

131

نام کتاب : الفلسفة نویسنده : السيد كمال الحيدري    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست