السماواتِ . وأمّا ما وراءَها فإنْ كان وسيلةً إليها فهو نافعٌ لأجلِها ، وإن لم يكنْ وسيلةً إليها كالنحو واللغةِ والشعرِ وأنواع العلومِ فهي حِرفٌ وصناعاتٌ ، كباقي الحرفِ والملَكات . وأمّا الحاجةُ إلى العمل والعبادةِ القلبيّةِ والبدنيّةِ ، فلطهارةِ النفس وزكائِها بالأوضاعِ الشرعيةِ والرياضاتِ البدنيةِ ، لئلّا تتمكّنَ للنفس بسبب اشتغالِها بالبدنِ ونزوعِها إلى شهواتِه وشوقِها إلى مقتضياتِه هيئةٌ انقهاريةٌ للبدن وهواهُ ، فترسخَ لها ملكةٌ انقياديةٌ لمشتهاه وتمنعَها إذا ماتَ البدنُ عن لذّاتِها الخاصّةِ بها من مجاورةِ المقرّبين ، ومشاهدةِ الأمور الجميلةِ وأنوار القدّسيينَ ، ولا يكونُ معها البدنُ فيُلهيها ، كما كان قبلَ البدنِ يُنسيها . فصدرَ من الرحمةِ الإلهيةِ والشريعةِ الرحمانيةِ الأمرُ بتطويعِ القوى الأمّارةِ ، للنفس المطمئنّةِ ، بالشرائع الدينيةِ والسياساتِ الإلهيةِ ، رياضةً للجسدِ وهواهُ ، ومجاهدةً للنفس الآدميّةِ مع أعدائه مِن قواهُ ، لتنخرط معها في سلك التوجّهِ إلى جناب الحقِّ من عالم الزّور ومعدنِ الغُرور ، ولا تعاوقُها بل تشايعُها في مطالبِها وترافقُها في مآربِها . ثمّ إنّي قد صرفتُ قوّتي في سالفِ الزمانِ ، منذُ أوّلِ الحداثةِ والريعانِ ، في الفلسفةِ الإلهيةِ بمقدارِ ما أوتيتُ من المقدورِ ، وبلغ إليه قسطي من السعيِ الموفورِ ، واقتفيتُ آثارَ الحكماءِ السابقين ، والفضلاءِ اللاحقين ، مقتبساً من نتائجِ خواطرِهم وأنظارِهم ، مستفيداً من أبكارِ ضمائرِهم وأسرارِهم ، وحصلتُ ما وجدتُه في كتب اليونانيين والرؤساءِ المعلّمين ،