responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفلسفة نویسنده : السيد كمال الحيدري    جلد : 1  صفحه : 127


تحصيلاً يختارُ اللباب من كلِّ بابٍ ، ويجتازُ عن التطويل والإطنابِ .
مجتنباً في ذلك طولَ الأملِ مع قصرِ العملِ ، معرضاً من إسهابِ الجدلِ مع اقترابِ الساعةِ والأجلِ ، طلباً للجاه الوهميِّ وتشوّقاً إلى الترأُّس الخياليِّ ، مِن غيرِ أنْ يظفرَ من الحكمة بطائلٍ ، أو يرجعَ البحثُ إلى حاصلٍ ، كما يُرى مِن أكثرِ أبناءِ الزمانِ مِن مزاولي كتبِ العلمِ والعرفانِ ؛ من حيثُ كونهم منكبّين أوّلاً بتمام الجدِّ على مصنّفاتِ العلماءِ , منصبّينَ بكمالِ الجهدِ إلى مؤلّفاتِ الفضلاءِ ، ثمّ عن قليلٍ يشبعون عن كلِّ فنٍّ بسرعةٍ ، ويقنعون عن كلّ دنٍّ بجرعةٍ ؛ لعدم وجدانِهم فيها ما حداهم إليها ، شهواتُهم شهواتُ العنّين ، ودواعيهم دواعي الجنين ، ولهذا لم ينالوا من العلم نصيباً كثيراً ، ولا الشقيُّ الغويُّ منهم يصيرُ سعيداً بصيراً ، بل ترى مِن المشتغلين ما يُرجي طولَ عمرِه في البحثِ والتكرارِ آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ ، ثمّ يرجعُ بخُفَيّ حُنَينٍ ، ويصيرُ مطرحاً للعار والشَّين ، وهم المذكورونَ في قولِه تعالى : * ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) * ( الكهف : 103 - 104 ) .
أعاذنا اللهُ من هذه الورطةِ المدهشةِ والظلمةِ الموحشة .
وإنّي لقد صادفتُ إصدافاً علميةً في بحر الحكمةِ الزاخرةِ ، مدعمةً بدعائم البراهينِ الباهرةِ ، مشحونةً بدررٍ من نكاتٍ فاخرةٍ مكنونةٍ فيها لآلئُ دقائقٍ زاهرةٍ ، وكنتُ برهةً من الزمان أُجيلُ رأيي وأردّدُ قداحي وأؤامرُ نفسي وأنازعُ سرّي ؛ حدَباً على أهل الطلبِ ، ومَن له في تحقيق الحقِّ أربٌ ، في أنْ أشقَّ تلك الأصدافَ السمينةَ وأستخرجَ منها دررَها

127

نام کتاب : الفلسفة نویسنده : السيد كمال الحيدري    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست