وهذا النصّ يدلّ بوضوح أنّ قول المعصوم القطعي يمكن أن يقع حدّاً أوسط في البرهان ويعطي نتيجة يقينية على حدّ نتائج البراهين العقلية والرياضية . وقال أيضاً : « أكثر الناس انتفاعهم بالسمعيات أكثر من العقليات ، ولا يصدّقون بالأشياء إلاّ بمكافحة الحسّ للمحسوس ، ولا يذعنون بالعقليات ما لم يقترن معها انتهاء نقلها إلى محسوس ، فلنذكر أدلّة سمعية لهذا المطلب حتى يعلم أنّ الشرع والعقل متطابقان في هذه المسألة كما في سائر الحكميات وحاشا الشريعة الحقّة البيضاء أن تكون أحكامها مصادمة للمعارف اليقينية الضرورية ، وتبّاً لفلسفة تكون قوانينها غير مطابقة للكتاب والسنة » [1] . وقال أيضاً : « هيهات ، هيهات ، قد خاب على القطع والبتات ، وتعلّق بأذيال الضلالات ، من لم يجمع بتأليف الشرع والعقل هذا الشتات ، فمثال العقل البصر السليم عن الآفات والأدواء ، ومثال القرآن الشمس المنتشرة الضياء ، فأخلق بأن يكون طالب الاهتداء المستغني بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء . فالمعرض عن العقل مكتفياً بنور القرآن والخبر ، مثاله المعترض لنور الشمس والقمر مغمضاً للأجفان ، فلا فرق بينه وبين العميان ، فالشرع مع العقل نور على نور » [2] . ثمّ يعترض على أولئك الذين اكتفوا بأحدهما واستغنوا عن الآخر بقوله : « وعرفوا أنّ من ظنّ من الحشوية وجوب الجمود على التقليد واتّباع الظواهر ما أتوا إلاّ من
[1] المصدر نفسه : ج 8 ص 303 . [2] شرح أصول الكافي ، صدر المتألّهين ، الطبعة الحجرية : ص 438 .