بالبرهان القطعي صحّة ثبوت الوحي ، عندها لا يبقى فرق أيضاً بين المعارف الدينية التي يخبر عنها الدين ، والتي ترتبط بالمبدأ والمعاد وبين نتائج البراهين العقلية والقطعية ، ومن هنا جعل صدر المتألّهين الأساس الذي انطلق منه للأبحاث عموماً ، والإلهية خصوصاً ، هو التوفيق بين العقل والكشف والشرع ، وحاول الكشف عن الحقائق الإلهية عن طريق المقدّمات البرهانية ، والمشاهدات العرفانية ، والموادّ الدينية القطعية » [1] . وما ذكره الطباطبائي عن فيلسوفنا الشيرازي نجد شواهده واضحة جلية في مصنّفاته ، حيث يمكن تتبّع كلماته للوصول إلى أنّه اعتمد هذه العناصر الأساسية التي تألّفت منها الأصول الأوّلية للحكمة المتعالية . ويمكن أن نقف على ذلك من خلال المراحل التي مرّ بها في نشأته العلمية . المرحلة الأولى : دور التلمذة والتعلّم وهي الفترة التي اشتغل فيها بتحصيل العلوم العقلية من خلال تتبّع آراء الفلاسفة ومناقشاتهم ، والوقوف على المذاهب الكلامية ومسالك المتكلّمين ، ولم يكتفِ بذلك ، بل حاول دراسة العلوم النقلية ، من الحديث والفقه والتفسير وغيرها من العلوم ، وقد أعانه على ذلك أساتذة كبار كالمحقّق السيّد محمّد باقر المعروف ب - « مير داماد » والشيخ بهاء الدين محمّد العاملي المعروف ب - « الشيخ البهائي » . يقول صدر المتألّهين عن هذه المرحلة من حياته العلمية : « ثمّ إنّي قد صرفت قوّتي في سالف الزمان منذ أوّل الحداثة والريعان في الفلسفة الإلهية ، بمقدار ما أُوتيت من المقدور ، وبلغ إليه قسطي من السعي الموفور واقتفيت آثار الحكماء السابقين والفضلاء اللاحقين ، مقتبساً من نتائج خواطرهم