الحكومات - في نكت إشراقية والنظر في بعض القواعد ( أي للمشّائين ) ليعرف فيها الحقّ ، ويجري أيضاً مجرى الأمثلة لبعض المغالطات » [1] . وهذا التعبير يكشف أنّ العقل كان حجّة قاطعة عند الحكمة الإشراقية ، وإنّما المرفوض منه المغالطات التي جاءت في كلمات المشّائين . 4 - اختلاف المنهج بين الإشراق والعرفان وعلى هذا الأساس يتّضح بأنّ المنهج المتّبع عند المدرسة الإشراقية ليس هو المنهج نفسه المتّبع عند الاتّجاه العرفاني - كما قد يُتوهّم - بل إنّ هناك نقطة اشتراك بينهما ونقطتي تمايز ، أمّا وجه الاشتراك فهو اعتماد كلا الاتّجاهين على صقل القلب وتصفيته وتهذيب النفس والمجاهدة العملية ، وأمّا وجه الامتياز بينهما فيتلخّص في أمرين : الأوّل : إنّ المنهج العرفاني يرفض الاستدلال العقلاني رفضاً قاطعاً في الكشف عن حقائق الوجود ، بل يرى أنّ الطريق العقلي لا جدوى منه ولا طائل تحته - كما تقدّم - وهذا بخلافه في الاتّجاه الإشراقي فإنّه يقبل الاستدلال العقلي المبتني على مقدّمات برهانية يقينية ، ولكن لا بمفرده بل بالاستعانة بالكشف والمشاهدة أيضاً ، فهو وإن أقرّ القواعد العقلية في عملية اكتشاف الحقيقة ، إلاّ أنّه يرفض كفاية ذلك وحده في هذا المجال ، وإنّما يعدّ الاستدلال أحد أسباب كشف الحقيقة ، ومن هنا تعتبر الفلسفة الإشراقية فلسفة استدلالية سلوكية تريد الاتّصال بالحقيقة مباشرة ، لا من خلال المفاهيم والصور الذهنية فقط . الثاني : إنّ الهدف الذي يبتغيه العارف هو مشاهدة الحقائق على ما هي عليه ، ولا يرى الفهم والإدراك العلمي الحصولي كمالاً للإنسان . وهذا