بخلاف الإشراقي ، فهو كأيّ حكيم وفيلسوف يريد إدراك الحقيقة وفهمها . والفرق بينهما كما يقول صدر المتألّهين : « والفرق بين علوم النظّار وبين علوم ذوي الأبصار ، كما بين أن يعلم أحد حدّ الحلاوة وبين أن يذوق الحلاوة ، وكم فرق بين أن تدرك حدّ الصحّة والسلطنة وبين أن تكون صحيحاً سلطاناً وكذلك مقابل هذه المعاني » [1] . ومن الأصول الأساسية التي اعتمدتها المدرسة الإشراقية في الوصول إلى رؤية كونية عن الوجود ونظامه ، هو تأكيدها وحثّها على لزوم التمسّك بالكتاب والسنّة وعدم تخطّيهما وتجاوزهما . يقول السهروردي في رسالته « حكمة التصوّف » : « أوّل ما أوصيك به تقوى الله عزّ وجلّ ، فما خاب من آب إليه ، وما تعطّل من توكّل عليه ، احفظ الشريعة فإنّها سوط الله بها يسوق عباده إلى رضوانه ، كلّ دعوى لم تشهد بها شواهد الكتاب والسنّة فهي من تفاريع العبث وشعب الرفث ، من لم يعتصم بحبل القوى غوى ، وهوى في غيابة جبّ الهوى ، ألم تعلم أنّه كما قصرت قوى الخلائق عن إيجادك ، قصرت عن إعطاء حقّ إرشادك ، بل هو * ( الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) * [2] . قدرته أوجدتك ، وكلمته أرشدتك » [3] . ويقول أيضاً : « أوصيكم إخواني بحفظ أوامر الله ونواهيه والتوجّه إلى الله مولانا نور الأنوار - بالكلّية - وترك ما لا يعنيكم من قول أو فعل ، وقطع كلّ
[1] تفسير القرآن الكريم ، صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم صدر الدين الشيرازي ، منشورات بيدار ، إيران ، قم : ج 7 ص 10 . [2] طه : 50 . [3] سه رسالة أز شيخ اشراق ( فارسي ) ( ثلاث رسائل لشيخ الإشراق ) ، شهاب الدين يحيى السهروردي : الألواح العمادية ، كلمة التصوف ، اللمحات ، بتصحيح ومقدمة نجفقلي حبيبي ، طهران ، 1397 : ص 82 .