معاً للوصول إلى الكمال المطلوب ، فالعقل والكشف كلّ واحد منهما يعين الآخر للوصول إلى الحقائق ومعرفتها . يقول في « حكمة الإشراق » : « والحكماء كثيرة وهم على طبقات وهي هذه : أحدها : حكيم إلهيّ متوغّل في التألّه عديم البحث . ثانيها : حكيم بحّاث عديم التألّه . ثالثها : حكيم إلهيّ متوغّل في التألّه والبحث . . . » . إلى أن يقول : « وأجود الطلبة طالب التألّه والبحث ، وكتابنا هذا لطالبي التألّه والبحث » [1] . يقول قطب الدين الشيرازي - شارح حكمة الإشراق - في ذيل هذه العبارة : « إنّ الطبقة الأولى هم كأكثر الأنبياء والأولياء من مشايخ التصوّف كأبي يزيد البسطامي وسهل بن عبد الله التستري ونظرائهم من أرباب الذوق دون البحث الحكمي . وإنّ الطبقة الثانية هم عكس الأولى ، وهم من المتقدّمين كأكثر المشّائين من أتباع أرسطو ومن المتأخّرين كالشيخين الفارابي وأبي علي وأتباعهما . وإنّ الطبقة الثالثة هم أعزّ من الكبريت الأحمر ، ولا نعرف أحداً من المتقدّمين موصوفاً بهذه الصفة ، ولا من المتأخّرين غير صاحب هذا الكتاب » . وعلى هذا فالحكمة الإشراقية وإن كانت مخالفة لكثير من المباني المشّائية ، إلاّ أنّها لم تخالف المنهج العقلي الاستدلالي المتّبع عند المشّائين ، ويؤيّد ذلك أنّنا نجد أنّ الإشكالات التي أوردها السهروردي على أصول المشّائين جعلها تحت عنوان « كشف المغالطات » حيث قال : « الفصل الثالث - في بعض
[1] شرح حكمة الإشراق ، للفاضل المحقّق والنحرير المدقّق الحكيم الإلهي محمّد بن مسعود المشهور بقطب الدين الشيرازي : ص 22 .