وشعاعها المشرق ، وإذا طلعت الشمس وانتشر إشراقها على الآفاق ، وشاهدها الشخص على هذا الوجه مع جرمها العظيم أيضاً ، فهو بمثابة عين اليقين ، لأنّه شاهد بعينه الآن ما علمه بعلمه قبل ذلك . وإذا وصل هذا المشاهد إلى جرم الشمس وزالت كثافته وصار نوراً محضاً ، وحصل بينه وبينها مناسبة ذاتية بحيث صارت هي هو أو هو هي ، فهو بمثابة حقّ اليقين » [1] . 2 - موقع العقل ودوره وثَمّ تساؤل آخر هو : أتؤمن المدرسة العرفانية بالعقل والاستدلال العقلي في المقام الأوّل من البحث ، أم ترفض ذلك ؟ وللإجابة عن ذلك يمكن أن يقال : إنّ هناك اتّجاهين في هذا المجال : الأوّل : هو الاتّجاه المتطرّف الذي ينكر أيّ دور للاستدلالات العقلية في مجال الكشف عن الحقائق الوجودية ، وهذا ما يظهر من خلال بعض كلمات العرفاء . منها : ما ذكره الآملي حيث قال : « إنّ النفع من العلوم هو تحصيل معرفة الله على سبيل اليقين ومعرفة الأشياء - على ما هي عليه - التي هي أيضاً من معرفة الله تعالى ، لأنّ من عرف الأشياء على ما هي عليه ، عرف الله على ما هو عليه ، ومن عرف الله على ما هو عليه عرف الأشياء على ما هي عليه ؛ لاستحالة انفكاك كلّ واحد منهما عن الآخر ، وكلاهما مستحيل من العلوم الرسمية » [2] . ومنها : ما ذكره ابن فناري في « مصباح الأنس » حيث قال : إنّ « معرفة الأشياء على ما هي عليه » [3] بالأدلّة النظرية متعذّرة لوجوه . ثمّ استعرض
[1] جامع الأسرار ، حيدر الآملي ، مصدر سابق : ص 602 . [2] جامع الأسرار ، حيدر الآملي ، مصدر سابق : ص 473 . [3] مصباح الأنس ، لمحمّد بن حمزة بن محمّد العثماني ابن فناري ، في شرح مفتاح غيب الجمع والوجود ، لصدر الدين محمّد بن إسحاق قونوي ، تعليق : ميرزا هاشم بن حسن بن محمّد علي الكيلاني أشكوري وآية الله حسن حسن زاده آملي : ص 9 .