وجوهاً متعدّدة للاستحالة . ومنها : ما عن عبد الرزاق الكاشاني ، فإنّه رجع من العلوم الرسمية إلى العلوم الحقيقية ، وصنّف في التصوّف كتباً ورسائل ، حتى قال في خطبة بعض رسائله ، وهي الاصطلاحات الصوفية : « الحمد لله الذي نجّانا من مباحث العلوم الرسمية بالمنّ والإفضال ، وأغنانا بروح المعاينة عن مكابدة النقل والاستدلال ، وأنقذنا مما لا طائل تحته من كثرة القيل والقال ، وعصمنا من المعارضة والمناظرة والجدل والجدال ، فإنّها مثار الشبهة ومظانّ الريب والضلال والإضلال » [1] . وبعد أن ينقل السيّد حيدر الآملي جملة من هذه الأقوال في ذمّ الاستدلال العقلي والعلوم البحثية يقول في خاتمة كلامه : « والغرض إظهار رداءة العلوم الرسمية ونفاسة العلوم الحقيقية وشرف أهلها وحسنها ؛ لينظر العاقل فيهما ويختار ما هو مناسب بحاله منهما » [2] . إلاّ أنّ هذا الاتّجاه وإن كان يظهر من بعضهم ، ولكنّه غير تامّ كما هو ثابت عند المحقِّقين من العرفاء ، وهذا ما ستأتي الإشارة إليه إجمالاً في البحوث اللاحقة . الثاني : وهذا الاتّجاه وإن كان يعتقد أنّ تفسير الوجود ونظامه وتجلّياته لا يتم إلاّ على أُسس المكاشفة والشهود ، إلاّ أنّه لا يرفض كلّ الرفض أسلوب الاستدلال العقلي ، بل يسمح له ولكن في حدود معيّنة ; لعدم قدرته على نيل ما وراء ذلك ، كما سيأتي عند بيان دور العقل والمنهج العقلي في مدرسة
[1] جامع الأسرار ، حيدر الآملي ، مصدر سابق : ص 498 . [2] المصدر نفسه : ص 499 .