5 . الدفاع أمام الفلسفات الأخرى لقد غزا العالم الإسلامي - منذ سقطت الدولة الإسلامية صريعة بأيدي المستعمرين - سيل جارف من الثقافات الغربية القائمة على أسسهم الحضارية ومفاهيمهم عن الكون والحياة والمجتمع ، فكانت تمدّ الاستعمار امتداداً فكرياً متواصلاً في معركته التي خاضها للإجهاز على كيان الأمّة وسرّ أصالتها المتمثّل في الإسلام . ثمّ وفدت بعد ذلك إلى أراضي الإسلام السليبة أمواج أخرى من تيّارات الفكر الغربي ومفاهيمه الحضارية ، لتنافس المفاهيم التي سبقتها إلى الميدان ، وقام الصراع بين تلك المفاهيم الواردة على حساب الأمّة وكيانها الفكري والسياسي الخاصّ . وكان لا بدّ للإسلام أن يقول كلمته في معترك هذا الصراع المرير ، وكان لا بدّ أن تكون تلك الكلمة قويّة وعميقة ، صريحة وواضحة ، كاملة وشاملة ، للكون والحياة والإنسان والمجتمع والدولة والنظام ، ليتاح للأمّة أن تعلن كلمة « الله » في المعترك ، وتنادي بها وتدعو العالم إليها ، كما فعلت في فجر تاريخها العظيم [1] . ومن الواضح أنّه لم يكن للإسلام أن يقول كلمته تلك من خلال الاقتصار على القرآن الكريم والأحاديث الواردة عن الرسول الأعظم وأئمّة المسلمين « عليهم السلام » ؛ ذلك لأنّ الغزو الثقافي الفكري الذي غزا العالم الإسلامي كان يستهدف أوّلاً القرآن العظيم لإسقاطه عن الاعتبار والاعتماد . وبغضّ النظر عن مدى نجاحه في محاولته تلك إلاّ أنّه لم يكن هناك طريق لردّ تلك المذاهب المادّية والفلسفات المنحرفة والملحدة إلا من خلال
[1] من مقدمة فلسفتنا ، محمد باقر الصدر ، مصدر سابق : ص 6 .