فلاحظ [1] . التنبيه الثالث : التماثل المنطقي بين الماهيّة في الذهن والماهيّة في الخارج قد يُطلق لفظ ( الحدّ ) ويُراد منه أحد معنيين : 1 . الحدّ المنطقي ؛ وهو تعريف الشئ وبيان حقيقته وماهيّته ، إمّا بجميع الذاتيّات أو ببعضها ، وذلك من قبيل تعريف الإنسان بأنّه ( حيوان ناطق ) ، أو تعريفه بأنّه ( ناطق ) . 2 . الحدّ الفلسفي ؛ وهو حدّ الوجود ومنتهاه ، ويسمّى ( ماهيّة ) عند جملة من الحكماء . وقد ذكرنا سابقاً بأنّ الحكماء بعد صدر المتألّهين ذهبوا إلى القول بالعينيّة بين المفاهيم الماهويّة وبين الماهيّات في الخارج ، وقلنا أيضاً بأنّ مرادهم من العينيّة المثليّة والتماثل في الحدّ والتعريف المنطقي ، لا الوحدة والعينيّة في الحدّ بمعناه الفلسفي ، أي إنّنا نُعرّف ( الإنسان ) مثلاً بأنّه ( حيوان ناطق ) سواءً كان في الذهن أم في الخارج . ولكن الجدير بالذِّكر في هذا التنبيه أنّ الإنسان الخارجي - في المثال المذكور - مصداق للحيوانيّة الناطقيّة ومندرج تحتها ومحمولٌ عليها بالحمل الشائع الصناعي ، وأمّا الإنسان في الذهن فليس هو مصداقاً للحيوانيّة الناطقيّة ولا مندرجاً تحتها ، وإن كان يُحمل عليه أنّه حيوان ناطق بالحمل الأوّلي ، وذلك لأنّ هذا النحو من الحمل لا يستلزم المصداقيّة والاندراج ; ولذا فإنّ مفهوم الإنسان في الذهن لا يُحمل عليه أنّه حيوان ناطق بالحمل الشائع ، وإنّما هو من الكيفيّات النفسانيّة التي تعرض النفس ، فالإنسان
[1] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 1 ص 312 .