بحسب الوجود الذهني حيوان ناطق بالحمل الأوّلي وكيف نفساني بالحمل الشائع ، ولا يوجد بين مفهوم الإنسان في الذهن وبين الإنسان في الخارج إلاّ المثليّة والتماثل في التعريف والحدّ المنطقي . قال السيّد الطباطبائي في هذا المجال : « إنّ الماهيّة الذهنيّة غير داخلة ولا مندرجة تحت المقولة التي كانت داخلة تحتها وهي في الخارج تترتّب عليها آثارها ، وإنّما لها من المقولة مفهومها فقط ، فالإنسان الذهني وإن كان هو الجوهر الجسم النامي الحسّاس المتحرّك بالإرادة الناطق ، لكنّه ليس ماهيّة موجودة لا في موضوع بما أنّه جوهر ، ولا ذا أبعاد ثلاثة بما أنّه جسم ، وهكذا في سائر أجزاء حدّ الإنسان ، فليس له إلاّ مفاهيم ما في حدّه من الأجناس والفصول ، من غير ترتّب الآثار الخارجيّة ، ونعني بها الكمالات الأوّلية والثانوية ، وإلاّ فلو كان مجرّد انطباق مفهوم المقولة على شئ كافياً في اندراجه تحتها ، كانت المقولة نفسها مندرجة تحت نفسها ; لحملها على نفسها ، فكانت فرداً لنفسها . وهذا معنى قولهم : إنّ الجوهر الذهني جوهر بالحمل الأوّلي لا بالحمل الشائع » [1] . هذا كلّه بحسب الحدّ والتعريف المنطقي . وأمّا بحسب الحدّ الفلسفي فلكلّ من الوجود الخارجي والوجود الذهني ماهيّته الخاصّة به ; إذ مع اختلاف وتعدّد الوجود المحدود لا بدّ أن يتعدّد الحدّ ، فننتزع ماهيّة وحدّاً للإنسان في الخارج تختلف عن ماهيّة وحدّ مفهوم الإنسان في الذهن ، حيث لا يعقل أن تكون الماهيّة واحدة بمعناها الفلسفي مع فرض تعدّد مرتبتي الوجود الخارجيّة والذهنيّة .
[1] نهاية الحكمة ، محمّد حسين الطباطبائي ، مصدر سابق : ص 35 - 36 .