الوجود وعلله » [1] . وقد استعرض الفخر الرازي هذا الدليل أيضاً بألفاظ أخرى ، حيث قال : « الوجود مقول على ما تحته لا بالتساوي ، إذ الواجب أولى بالوجود من الممكن ، والجوهر من الممكنات أولى بالوجود من العرض ، وكلّ ما كان محمولاً على ما تحته لا بالتساوي لم يكن جنساً لما تحته ; إذ يمتنع التفاوت في الماهيّة ومقوّماتها » [2] . هذا هو الدليل الذي استند إليه المشاؤون لإثبات أنّ مفهوم الوجود من المفاهيم الفلسفيّة وليس من المفاهيم الماهويّة ، وهو استدلال تامّ على مباني المشائين ، ولكنّه ليس تامّاً على مباني الحكمة الإشراقيّة التي قبلت وقوع التشكيك في الماهيّات ، فالإشكال من صدر المتألّهين على هذا الدليل مبنائي ، فمن يبني على استحالة التشكيك في الماهيّة يكون الدليل تامّاً بالنسبة إليه ، ومن يعتقد بوقوع التشكيك في الماهيّة لا يتمّ على مبناه هذا النحو من الاستدلال . أضواء على النصّ 1 - قوله « قدس سره » : ( في أنّ الوجود العام البديهي اعتبار عقلي غير مقوّم لأفراده ) . هذا هو عنوان الفصل الثالث ، والمراد من الوجود في العنوان هو مفهوم الوجود ، كما أنّ المراد من العام هو قابليّته للصدق على كثيرين ، وأمّا البداهة فقد تقدّم إثباتها سابقاً ، وقول المصنّف : ( اعتبار عقلي غير مقوّم لأفراده ) للتمييز بين المفهوم الفلسفي والمفهوم الماهوي . 2 - قوله « قدس سره » : ( إنّ كلّ ما يرتسم بكنهه في الأذهان ) . المراد من الاكتناه هنا هو التعرّف على ذاتيّات الشئ ومقوّماته ، أي
[1] شرح الإشارات والتنبيهات ، نصير الدِّين الطوسي ، تحقيق : كريم فيضي ، مؤسّسة المطبوعات الدينيّة ، قم : ج 3 ص 10 . [2] المباحث المشرقيّة ، الفخر الرازي ، مصدر سابق : ج 1 ص 118 .