النقطة الأولى : الدليل على ثبوت مبدأ التشكيك استدلّ المصنّف لإثبات مبدأ التشكيك في مفهوم الوجود بالنسبة لانطباقه على مصاديقه ، بما نجده من التمايز والاختلاف والتفاوت بين المصاديق الخارجيّة لحقيقة الوجود . حيث نلاحظ أنّ بعض الموجودات متقدّمة بالطبع على بعضها الآخر ، ويُطلق التقدّم بالطبع على ما يشمل تقدّم العلّة التامّة أو الناقصة بأجزائها وشرائطها على المعلول ، فإنّ العلّة سواء كانت تامّة أم ناقصة متقدّمة على معلولها بالوجود . كما أنّنا نلاحظ أيضاً أنّ الوجود في بعض الموجودات مقتضى ذاته ، ولا يحتاج إلى سبب وراء ذاته لاتّصافه بالوجود كما في الواجب تعالى ، ولكنّنا نرى أنّ الوجود في البعض الآخر من الموجودات مغاير لها وزائد على ذواتها ، وهي تفتقر في اتّصافها به إلى علّة وسبب خارجي كما هو الحال في سائر الممكنات . ولا شكّ أنّ الموجود الذي لا سبب له متقدّم بالطبع وبالوجود على جميع الموجودات من ذوات الأسباب ، وهو أولى بالموجوديّة من غيره ، وكذا الحال في العقول الفعّالة والمؤثّرة فيما دونها ، فإنّها متقدّمة بالطبع أيضاً على ما يليها من الموجودات ، وهكذا الجوهر أيضاً متقدّم بالوجود على وجود العرض ، هذا من حيث التقدّم والتأخّر بالوجود . وبعض الموجودات أيضاً أتمّ وأقوى في الوجود من بعضها الآخر ، فإنّ عالم العقول والمجرّدات أقوى وأتمّ في الوجود من عالم المادّة ، خصوصاً المادّة الأولى التي هي في غاية الضعف والفقر والاحتياج ، وليست لها من ذاتها إلاّ القابليّة والاستعداد . إذن ثبت أنّ الوجودات الخارجيّة والهويّات العينيّة تتّصف بالكثرة والتفاوت في الواقع الخارجي ، فبعضها متقدّم وبعضها متأخّر في الوجود ، كما