الدليل الرابع : الجناس والإيطاء في الشعر ذكر أهل البلاغة والأدب في مبحث المحسّنات اللفظيّة من علم البديع ، أنّ من محسّنات اللفظ ( الجناس ) ، وهو تشابه لفظين في النطق ، واختلافهما في المعنى . والجناس في الشعر استعمال لفظ واحد في القافية له معانٍ متعدّدة ، ويسمّى ب ( التجنيس ) وهو من محسّنات الشعر . ويقابله ( الإيطاء ) في الشعر وهو أن يكرّر الشاعر كلمة بعينها في القافية ، بحيث تكون الكلمتان متّفقتين لفظاً ومعنىً ، من دون أن يفصل بين الكلمتين بعدد معيّن من الأبيات ، ويُعدّ هذا النحو من التكرار نقصاً في قافية الشعر . وصدر المتألّهين يقول : لو أنّ شاعراً جعل لفظ الوجود قافية في جميع أبيات قصيدته ، فإنّ السامع يشعر بالتكرار في القافية ، وهو ما يسمّيه أدباء الشعر بالإيطاء المذموم ، وهذا بخلاف ما لو جعل لفظ العين قافية في جميع أبياته ، فإنّ السامع لا يرى تكراراً في القافية ، بل هو من ( الجناس ) الذي يُعدّ من محسّنات الشعر ، وليس هذا إلاّ للاشتراك المعنوي في لفظ ( الوجود ) والاشتراك اللفظي في لفظ ( العين ) ، فلولا علم السامع بأنّ المفهوم من لفظ الوجود واحد معنوي في جميع القوافي لم يحكم بالتكرار والإيطاء في الشعر ، بخلاف لفظ العين ، حيث لم يشعر السامع بالتكرار للاختلاف في المعنى والتجانس في اللفظ فحسب . فهذا كلّه شاهد على الاشتراك المعنوي في الوجود ، وقد أشار إلى هذا الشاهد الحكيم السبزواري في منظومته ، حيث قال : ممّا به أُيّد الادّعاءُ * * * أنْ جعله قافية إيطاءُ ثمّ قال في شرحه لهذا الشاهد : « أي جعل الوجود قافية لأبيات إيطاء ،