هذا تمام الكلام في المقدّمة الأولى . المقدّمة الثانية : إنّ هناك سنخيّة بين الوجود المستقلّ المحمولي وبين الوجود الرابط ، فالوجود الرابط يسانخ الوجود المستقلّ ، وليس بينهما اختلافاً نوعيّاً . قال العلاّمة الطباطبائي في هذا المجال : « فتقرّر أنّ اختلاف الوجود الرابط والمستقلّ ليس اختلافاً نوعيّاً ، بأن لا يقبل المفهوم غير المستقلّ - الذي يُنتزع من الرابط - التبدّل إلى المفهوم المستقلّ المنتزع من المستقلّ » [1] . إذن فالوجود الرابط من سنخ الوجود المستقلّ ، وحيث إنّ الوجود الرابط مشترك معنويّ كما تبيّن في المقدّمة الأولى ، فكذلك الوجود المستقلّ مشترك المعنى بين مصاديقه ، لأنّ أحدهما يُسانخ الآخر ، وليس بينهما تغاير نوعيّ . ولكن هذا الدليل إنّما يتمّ على مبنى مَن يرى السنخية وعدم التغاير النوعي بين الوجود المستقلّ والوجود الرابط ، كما ذهب إلى ذلك السيّد العلاّمة في نهاية الحكمة ، وأمّا على مبنى من يرى أنّ الاختلاف بينهما اختلافاً نوعيّاً ، فلا يتمّ الاستدلال المذكور ، وقد صرّح صدر المتألّهين بالتغاير النوعي بين هذين النحوين من الوجود ، كما سيأتي في الفصل التاسع تحت عنوان ( في الوجود الرابطي ) ، حيث قال : « وقد اختلفوا في كونه - أي الوجود الرابط - غير الوجود المحمولي بالنوع أم لا ، ثمّ تحقّقه في الهليّات البسيطة أم لا ، والحقّ هو الأوّل في الأوّل والثاني في الثاني » [2] ، فبناءً على هذا لا يتمّ ما ذكره من الاستدلال ، نعم يتمّ هذا الاستدلال على القول بالسنخيّة بين الوجودين .
[1] نهاية الحكمة ، محمد حسين الطباطبائي ، مصدر سابق : ص 30 . [2] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 1 ص 79 .