محمولات ذاتية للوجود ، والماهية واسطة في ثبوت تلك الأحكام ، أي هي حيثيّة تعليليّة لا تقييديّة . وعندما نأتي إلى مسائل الطبيعيّات نجد أنّ معروضها في أكثر الأحيان هو الوجود أوّلاً وبالذات والماهية ثانياً وبالعرض ، من قبيل الحركة والسكون والحرارة والبرودة والسواد والبياض ونحو ذلك من العوارض ، فإنّها عوارض الوجود أوّلاً وبالذات ، والجسمية وماهية الجسم واسطة في الثبوت بالنسبة إلى تلك العوارض التي تعرض الوجود ، فيلزم أن تكون أكثر البحوث الطبيعيّة داخلة في المباحث الفلسفية ، إلاّ في الأحكام التي تختصّ بالماهية من حيث هي . وهكذا الحال عندما نأتي إلى الكمّ الذي هو موضوع الرياضيات ، فإنّه ماهية من الماهيّات ، وأكثر الأحكام التي تذكر في الرياضيّات يقع هو واسطة في ثبوتها للموجود في الخارج ، فالكمّ واسطة في الثبوت وأحكامه أعراض ذاتية للموجود ، فتكون أكثر البحوث الرياضيّة داخلة في المباحث الفلسفيّة . نتيجة المقدّمتين بناءً على البيان الذي ذكرناه في هاتين المقدّمتين يكون الموجود بما هو موجود شاملاً للإلهيّات والطبيعيّات والرياضيّات ، فموضوع هذه العلوم الثلاثة واحد وهو الموجود ، إلاّ أنّه يشتمل على ثلاثة أقسام ؛ أحدها هو المجرّد عن المادّة ذهناً وخارجاً ، والآخر هو المحتاج إلى المادّة ذهناً وخارجاً ، والثالث هو المجرّد عن المادّة ذهناً لا خارجاً . إذن ما ذكره القدماء من الفلاسفة هو الصحيح ، وهو أنّ الحكمة والفلسفة تشتمل على ثلاثة فروع من المعرفة ، وهي الإلهيّات والطبيعيّات والرياضيّات ، ولا يوجد مائز موضوعيّ بين هذه الأقسام الثلاثة ، فالموجود