فتحصّل ممّا ذكرناه في هذه النقطة : أوّلاً : إنّ دائرة البحث الفلسفي تنحصر بالموجود بما هو موجود ، وبمجرّد أن يكون الموجود خاصّاً وفي ضمن ماهية من الماهيّات ، فإنّه يكون خارجاً عن نطاق المسائل الفلسفيّة . ثانياً : إنّ مسائل العلم الحقيقي تنحصر بالعوارض الذاتية لموضوعه الواحد . هذا تمام الكلام في البحث الثالث ، وهو اشتراط وجود موضوع واحد في العلوم البرهانية ، والمسائل التي ترتّبت على ذلك . التنبيه الرابع : الفلسفة تتكفّل إثبات موضوعات العلوم الأخرى ذكر صدر المتألّهين في الأبحاث السابقة أنّ الفلسفة هي العلم الأعلى الذي يتكفّل تحقيق وإثبات موضوعات العلوم الأخرى ، حيث قال : « ومسائله ] أي العلم الإلهي [ إمّا بحث عن الأسباب القصوى . . . وإمّا بحث عن عوارض الموجود بما هو موجود ، وإمّا بحث عن موضوعات سائر العلوم الجزئية . فموضوعات سائر العلوم الباقية كالأعراض الذاتية لموضوع هذا العلم » ، وقلنا سابقاً بأنّ العلوم الأخرى إنّما يُبحث فيها عن ثبوت شئ لشئ ، أي عن ثبوت العوارض الذاتية لموضوعاتها بنحو كان الناقصة ، ولا يُبحث فيها عن ثبوت موضوعاتها بنحو كان التامّة . والسؤال المطروح في المقام ؛ هو أنّنا لماذا لا نجعل مسألة إثبات الموضوع في طليعة البحث عن مسائل كلّ واحد من العلوم الجزئية ؟ بعبارة أخرى : هل يوجد محذور عقليّ يمنعنا من البحث بنحو كان التامّة لموضوعات العلوم الأخرى في نفس تلك العلوم ؟ وهل هناك دليل على أنّ جميع مسائل العلوم الجزئية بنحو كان الناقصة ؟ ولماذا لا نبحث عن وجود