7 . الضابطة في تمايز العلوم الحقيقيّة ذكرنا في النقاط السابقة أنّ العلوم الحقيقيّة هي التي يجري القياس البرهاني في تحقيق مسائلها ، وتكون علاقة المحمول بالموضوع فيها علاقة ذاتية . والآن نريد أن نرى أنّ هذه العلوم الحقيقيّة كالفلسفة والرياضيّات والطبيعيّات [1] وغيرها بم تتمايز ؟ فهل التمايز بينها تمايز حقيقيّ وواقعيّ نفس أمريّ ، أم إنّ التمايز بينها بحسب اللحاظ والاعتبار ؟ بعبارة أخرى : هل تلك العلوم الحقيقيّة تندرج تحت جامع واحد حقيقيّ ؟ فعلى الاحتمال الأوّل لا يكون التمايز بينها إلاّ تمايزاً بحسب التواضع والاعتبار ، وعلى الثاني يكون المائز بينها مائزاً حقيقيّاً برهانيّاً . ثمّ إنّه لو فرضنا أنّ المائز بين هذه الأقسام من العلوم مائز حقيقيّ وواقعيّ ، ولكن هل هذا المائز الحقيقي هو المنهج المتّبع في تحقيق مسائل العلم ، أم إنّ المائز الحقيقي بين هذه العلوم هو موضوع كلّ واحد منها ؟ إذن يوجد في المقام سؤالان أساسيّان ، لا بدّ من الإجابة عنهما : السؤال الأوّل : هل المائز بين أقسام العلوم الحقيقيّة مائز حقيقيّ واقعيّ ، أم اعتباريّ عقلائيّ ؟ السؤال الثاني : لو كان المائز حقيقيّاً ، فهل هو بحسب المنهج أم بحسب
[1] لقد حُقّق في المنطق الأرسطي أنّ علم الطبيعيّات وإن كان قائماً على الحسّ والتجربة ، إلاّ أنّه لا يمكن الوقوف على قضية يقينيّة ضروريّة كلّية دائمة ذاتية في هذا العلم إلاّ في حال توسيط القياس البرهاني ، فالقياس البرهاني شرط أساسيّ في انتزاع قضايا يقينيّة من الحسّ والتجربة .