الحساب العدد ، وهو من أقسام الموجود بما هو موجود ، لأنّ الوجود إمّا واحد أو كثير ، والكثرة هي العدد ، وهو لا يحتاج في ذاته ووجوده إلى مادّة ، فإنّ المفارقات ذوات عدد ، فيصحّ وقوعه في الأعيان لا في مادّة . . . فوجب دخوله في ضابطة العلم الكلّي . . . والحاصل : إنّه جعل الحساب داخلاً في العلم الأعلى » [1] . جواب صدر المتألّهين عن الإشكال : باعتبار أنّ الإشكال المذكور يعمّ الكيفيات أيضاً بالإضافة إلى العدد ، فإنّ من الكيفيّات ما يعرض النفس المجرّدة ذاتاً ومنها ما يعرض المادّيات ، ولذا فإنّ المصنّف يجيب بوجهين ؛ أحدهما بلحاظ العدد ، والآخر بلحاظ الكيفيات : الوجه الأوّل : إنّ العدد وإن كان يعرض الأمور المجرّدة غير المادّية كالعقول العشرة ، ولكنّه في الوقت ذاته يعرض الأمور المادّية أيضاً ، فالكمّ الذي هو محتاج إلى المادّة والجسمانيات من معروضات العدد أيضاً ، فالعدد إذا كان معروضه الكمّ والمادّة في الخارج فإنّه يكون موضوع الرياضيّات وعلم الحساب ، وأمّا إذا كان معروضه العقول والمجرّدات فإنّه يُبحث في الأمور العامّة ، ولذا نحن نبحث الكثرة من هذه الجهة في الفلسفة ، وأمّا إذا كانت الكثرة عارضة على المادّة فيفرد لها علم مستقلّ وهو علم الرياضيّات ، لأنّها تكون عارضة لأمر أخصّ ، أي الموجود بقيد كونه كمّاً أو جسماً . الوجه الثاني : يأتي في الكيف أيضاً ما ذكرناه في العدد ، فإنّ من الكيفيات ما يعرض الأمور المجرّدة كالكيفيات النفسانيّة ، وهذا القسم من الكيف يُبحث في الأمور العامّة من المباحث الفلسفية ، وأمّا في الكيفيّات الاستعدادية
[1] تعليقة على إلهيات الشفاء ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 1 ص 14 .