غشاوة وهمية وإزاحة عقلية لما تيقَّنْتَ أنَّ الفلسفةَ الأولى باحثٌه عن أحوالِ الموجودِ بما هو موجودٌ ، وعن أقسامِه الأوّليةِ ، أي التي يمكنُ أنْ يَعرِضَ للموجودِ مِن غيرِ أن يصيرَ رياضيّاً أو طبيعيّاً ، وبالجملة أمراً متخصِّصَ الاستعدادِ لعروضِ تلك الأقسام سواءٌ كانت القسمةُ بها مستوفاةً أم لا ، وربما كانت القسمةُ مستوفاةً والأقسامُ لا تكونُ أوّليةً ، فلا يكونُ البحثُ عنها مِن الفنِّ الأعلى ، بل يكونُ من العلمِ الأسفلِ كقسمةِ الموجودِ إلى الأسودِ واللا أسودِ بالسلبِ المطلق ، فتأمّلْ في ذلك واقضِ العجبَ مِن قومٍ اضطربَ كلامُهم في تفسيرِ الأمورِ العامّةِ التي يُبحثُ عنها في إحدى الفلسفتينِ الإلهيّتين ، بل تحيَّرُوا في موضوعاتِ سائرِ العلوم كما سيظهرُ لك . فإنّهم فسَّرُوا الأمورَ العامَّة : تارةً بما لا يختصُّ بقسمٍ مِن أقسامِ الموجودِ التي هي الواجبُ والجوهرُ والعرضُ ، فانتقضَ بدخولِ الكمِّ المتَّصلِ العارضِ للجوهرِ والعرضِ ، فإنَّ الجسمَ التعليميَّ يعرضُ المادَّةَ ، والسطحَ يعرضُ الجسمَ التعليميَّ ويعرضُه الخطُّ ، وكذا الكيفُ لعروضه للجواهرِ والأعراضِ .