لجملة من الفلاسفة ، وهو موكول إلى مبحث « ذوات الأسباب لا تعرف إلاّ بأسبابها » من هذا الكتاب . ما هو المراد من الحدود المشتركة بين الحدّ والبرهان ؟ المراد من الحدود المشتركة في التعريف المنطقي هو الجزء الأخير من الحدّ ، الذي هو الفصل أو ما هو بمنزلته ، والمراد بالحدود في البراهين هي الحدود الوسطى ، فالحدّ الأوسط في البرهان هو المقصود من لفظ « الحدود » الوارد في القاعدة . ما هو المقصود بالاشتراك في الحدود ؟ المراد من الاشتراك في الحدود بين الحدّ والبرهان هو أنّ الجزء الأخير في الحدّ الذي هو الفصل أو ما هو بمنزلته يقع دائماً حدّاً أوسط في البرهان ، فإذا سألنا عن البرهان على وجود شئ ، فإنّ الحدّ الأوسط فيما يقام من برهان دائماً هو الجزء الأخير من تعريف الشئ الذي يُراد الاستدلال عليه . ولكي تتّضح هذه النقطة التي هي لبّ القاعدة وروحها نستعين بالمثال الذي ذكره الشيخ في كتابه ( النجاة ) للاستدلال على المقام ، حيث قال : « ومثاله أن يُقال : لِمَ انكسف [1] القمر ؟ فنقول : لأنّه توسّط الأرض بينه وبين الشمس فانمحى نوره ، ثمّ نقول : ما كسوف القمر ؟ فنقول : هو انمحاء نوره ، لتوسّط الأرض ، لكن هذا الحدّ الكامل للكسوف لا يكون عند التحقيق حدّاً واحداً في البرهان ، بل حدّين ؛ والذي يحمل منهما على الموضوع في البرهان أوّلاً وهو الحدّ الأوسط يكون الحدّ محمولاً بعد الأوّل ، والذي يحمل في البرهان ثانياً يكون في الحدّ محمولاً أوّلاً ، لأنّك تقول في البرهان : إنّ القمر قد توسّط الأرض بينه وبين الشمس ، وكلّ مستضئ من الشمس يتوسّط بينهما
[1] لقد عبّر الشيخ هنا عن الخسوف بالكسوف ، ولا مشاحة في التعبير والاصطلاح .