حدّاً أوسط في البرهان . وهذا ما ذكره الطباطبائي في مواطن كثيرة من تعليقته على الأسفار ، من ذلك ما ذكره في حاشيته على برهان الصديقين ، حيث قال : « وهو مع ذلك برهان إنّي سُلك فيه من بعض اللوازم ، وهو كون الوجود حقيقة مشكّكة ذات مرتبة تامّة صرفة وناقصة مشوبة ، إلى بعض آخر من اللوازم ، وهو كون المرتبة التامّة الصرفة منه واجبة الوجود » [1] . وذكر ذلك أيضاً في كتابه « نهاية الحكمة » ، حيث قال في آخر مقدّمة الكتاب : « وأمّا برهان الإنّ فقد تحقّق في كتاب البرهان من المنطق أنّ السلوك من المعلول إلى العلّة لا يفيد يقيناً ، فلا يبقى للبحث الفلسفي إلاّ برهان الإنّ الذي يعتمد فيه على الملازمات العامّة ، فيسلك فيه من أحد المتلازمين العامّين إلى الآخر » [2] . إذن : البرهان المفيد لليقين - وهو البرهان اللمّي أو الشبيه باللمّ - هو المقصود بالقاعدة ، ولذا قال الحكيم السبزواري في حاشيته على الأسفار : « ثمّ لعلّك تعود وتقول : إنّ ما لا حدّ له لا برهان لمّ عليه ، فلِمَ لا يجوز أنّ يكون برهان إنّ عليه . . . قلت : البرهان عند الإلهيّين في اصطلاح منحصر في اللّم . . . ومن ثمّ قالوا : ذوات الأسباب لا تعرف إلاّ بأسبابها ، وإن أطلق الإلهي بما هو منطقيٌّ البرهانَ على الإنّي أيضاً ، وقال في النجاة : البرهان المطلق هو برهان اللمّ » [3] . وهناك كلام طويل ومناقشات كثيرة لما ذكره العلامة الطباطبائي تبعاً
[1] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 6 ص 13 ، الحاشية رقم : ( 1 ) . [2] نهاية الحكمة ، العلاّمة الطباطبائي ، مصدر سابق : ص 6 . [3] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 1 ص 26 ، الحاشية رقم : ( 1 ) .