الأرض فإنّه ينمحي نوره ، فينتج أنّ القمر ينمحي نوره ؛ ثمّ تقول : والمنمحي نوره منكسف ، فالقمر إذن منكسف . فأوّلاً حملت التوسّط ثمّ الانمحاء ، وفي الحدّ التامّ تورد أوّلاً الانمحاء ثمّ التوسّط ، لأنّك تقول : انكساف القمر هو انمحاء نوره ، لتوسّط الأرض بينه وبين الشمس . فإن جعلت كلّ واحد من توسّط الأرض والانمحاء حدّاً كان تامّاً ، وهذا إذا كان بعض أجزاء الحدّ التامّ علّة للجزء الآخر ، فإن اقتصر على العلّة كتوسّط الأرض كان الحدّ يسمّى مبدأ البرهان ، وإن اقتصر على المعلول كالإنمحاء كان الحدّ يسمّى نتيجة البرهان » [1] . توضيحه : إنّ الحدّ لمّا كان مركّباً من جزأين هما الجنس والفصل أو ما هو بمنزلتهما ، والبرهان لا يمكن أن يتكرّر فيه الحدّ الأوسط على ما هو ثابت في المنطق ، فإنّنا نستطيع أن نقيم برهانين يكون الحدّ الأوسط في كلّ واحد منهما أحد جزئي التعريف ، فالجزء الأخير يقع حدّاً أوسط لبرهان والجزء الأوّل الأعمّ يكون حدّاً أوسط لبرهان آخر ، وللوصول إلى الحدّ المنطقي الذي يتركّب من جزأين لا بدّ من الجمع بين برهانين يقع كلّ جزء من الحدّ حدّاً أوسط في واحد منهما . ففي مثال خسوف القمر ، تعريفه : هو انمحاء نوره ، لتوسّط الأرض بينه وبين الشمس . فنأخذ الجزء الأخير وهو توسّط الأرض الذي هو بمنزلة الفصل ونجعله في برهان ، حاصله : إنّ القمر قد توسّطت الأرض بينه وبين الشمس . وكلّ مستضئ من الشمس يتوسّط بينهما الأرض ، فإنّه ينمحي نوره . فينتج : إنّ القمر ينمحي نوره .