وهذا ما صرّح به الحكيم السبزواري في شرح المنظومة ، حيث قال : « إنّ الحدّ قسمان بتقسيم آخر : فإمّا بحسب الوجود ، وإمّا بحسب الماهية من حيث هي هي - إلى أن قال : - بل المراد الماهية الموجودة ، لا الماهية من حيث هي من غير اعتبار الوجود ؛ إذ المعتبر معرفة الحقائق ، ولأنّ الماهية من حيث هي هي من غير انتساب وارتباط بالجاعل اعتبارية صرفة بالبرهان والاتّفاق ، فلا علّة لها حتّى تؤخذ في حدّها أو برهانها ، إلاّ علل قوامها ، لا المادّة والصورة من أجزائها الوجودية ، بل شيئيّة ماهية جنسها وفصلها المتقدّمين عليها تقدّماً بالمعنى والتقرّر ، فتعرف بهما أو بالفصل لا غير . فهذا الحدّ للماهية بحسب الوجود هو الذي قالوا فيه : إنّ أجود التعاريف ما اشتمل على العلل الأربع » [1] . وقد أشار إلى هذه الحقيقة أيضاً الشيخ الرئيس في كتابه ( النجاة ) ، عندما قسّم الحدّ إلى خمسة أقسام : « حدّ اسميّ ، وحدّ كامل هو تمام البرهان ، وحدّ هو مبدأ البرهان ، وحدّ هو نتيجة البرهان ، وحدّ أُمور لا علل لها ولا أسباب » [2] . ما هو المراد من البرهان في القاعدة ؟ هناك بحث مفصّل بين الأعلام في تحديد المراد من البرهان في القاعدة ؛ حاصله : أنّ المراد من البرهان هو البرهان اللمّي أو ما هو شبيه باللمّ ، وأمّا البرهان الإنّي فإن لم يرجع إلى البرهان اللمّي فهو لا يفيد اليقين . قال الطباطبائي في حاشيته على الأسفار - تبعاً للشيخ الرئيس - [3] : « هذه المسألة ] في أنّ العلم بذي السبب يمتنع حصوله إلاّ من جهة العلم
[1] شرح المنظومة ، قسم المنطق ، السبزواري ، مصدر سابق : ص 37 . [2] النجاة ، أبو علي سينا ، مصدر سابق : ص 160 . [3] لاحظ الفصل الثامن من المقالة الأولى من الفنّ الخامس من منطق الشفاء .