المناطقة بقولهم : « إنّ ماهيّة الموضوع لا تتحقّق إلاّ به ، فهو قوامها ، سواء كان نفس الماهيّة - كالإنسان المحمول على زيد وعمرو - أو كان جزءاً منها - كالحيوان المحمول على الإنسان أو الناطق المحمول عليه - فإنّ نفس الماهية أو جزءها يسمّى ذاتيّاً ، وعليه فالذاتي يعمّ النوع والجنس والفصل ، لأنّ النوع نفس الماهية الداخلة في ذات الأفراد ، والجنس والفصل جزءان داخلان في ذاتها » [1] . وهذا بخلاف الحدّ والتعريف في باب البرهان ، فإنّه يبيّن المحدود على مستوى الماهية وعلل قوامها وعلى مستوى الوجود وعلله الغائية والفاعلية ، بمعنى أنّه يبيّن العلّة الغائية والعلّة الفاعلية للوجود مضافاً إلى بيانه للجنس والفصل والعلّة المادّية والصورية ، التي هي علل قوام الماهية . وهذا هو الذي يسمّى عندهم بالحدّ التامّ والكامل ، وأمّا ما يذكر من الحدّ في باب الكلّيات ( الإيساغوجي ) فهو حدّ ماهويّ ناقص ، وتمام الحدّ هو الأعمّ من علل القوام وعلل الوجود . والحدّ الذي يشارك البرهان في حدوده ليس المراد منه حدّ باب الكلّيات وعلل قوام الماهية ، وإنّما المراد ما يشمل علل الوجود أيضاً وهو الحدّ التامّ الذي يشارك البرهان ، لأنّ الماهية من حيث هي هي أمرٌ اعتباريّ صرف لا وجود لها في الخارج ، فلا معنى لأن يشارك الحدّ بمقدارها البرهان الذي هو دليل على الوجود في الخارج ، لأنّ البرهان مرتبط بوجود الماهية وسبب تحقّقه في الخارج ، فالحدّ الماهوي مرتبط ب « ما هو ؟ » والبرهان مرتبط ب « لِمَ هو ؟ » ولا اشتراك بينهما . إذن مرادهم من الحدّ الذي يشترك مع البرهان في حدوده هو ما يشمل علل القوام وعلل الوجود والتحقّق في الخارج .