المبدأ الفاعلي ، والبحث فيه هو ما يسمّى بالإلهيّات بالمعنى الأخصّ ، وصدر المتألّهين قدّم هذا القسم من المسائل في عبارته على سائر الأقسام لشرافة موضوعها ، وإلاّ فإنّها متأخّرة في البحث عن مسائل الإلهيّات بالمعنى الأعمّ بقسميها ، كما هو الملاحظ في ترتيب أبواب كتابه « الأسفار » . ثم إن هذه الأقسام الثلاثة لمسائل الفلسفة ليست ناتجة عن قسمة عقلية دائرة بين النفي والإثبات ، كما نبّه على ذلك العلامة الطباطبائي في حاشيته على الأسفار ، حيث قال : « هذا الذي ذكره من أقسام البحث تبعاً لما ذكره من قبل ، مبتنٍ على قسمة غير دائرة بين النفي والإثبات ، لا أنّه يشير إلى لمّ البحث وسببه القريب » [1] فتلك الأقسام الثلاثة مُبتنية على استقراء ناقص لمسائل الفلسفة . أضواء على النصّ 1 - قوله « قدس سره » : ( في موضوعيّته للعلم الإلهي . . . ) . هذا هو عنوان الفصل الأوّل ، ويبدأ الكلام في هذا الفصل من قوله « قدس سره » : اعلم أنّ الإنسان . . . ومراد المصنّف من « العلم الإلهي » هو العلم المدوَّن لا المَلَكة . 2 - قوله « قدس سره » : ( الإنسان قد ينعت بأنّه واحد أو كثير ) . لا بدّ أن يُلتفت إلى أنّ المراد من الكثرة هنا هي الكثرة العارضة للموجود بما هو موجود ، وليس المراد من الكثرة ما يعرض العدد الذي هو أحد أقسام الرياضيّات ، فإنّ العدد باعتباره كمّاً منفصلاً قد تعرضه الكثرة فتكون من أقسامه ، وهي من هذه الحيثيّة خارجة عن المسائل الفلسفيّة [2] .
[1] الحكمة المتعالية ، مصدر سابق : ج 1 ص 24 ، الحاشية رقم : ( 3 ) . [2] هذا بحسب ما هو المشهور من تعريف الكلّي الفلسفي ، ولكن سيأتي في مطلع الجزء الثاني من الأسفار بيان التعريف الصحيح الذي ينسجم مع طبيعة المباحث الفلسفية .