2 - موضوع الفلسفة اتّضح من النقطة السابقة أنّ موضوع الفلسفة هو الموجود بما هو موجود من دون أن يتقيّد بقيد خاصّ ، وهذا هو ما يميّز موضوع الفلسفة عن موضوعات العلوم الطبيعيّة والرياضيّة وغيرها من المعارف النظريّة والعمليّة . فالموجودية المطلقة والواقعية العامّة من غير تقييدها بقيد ، هي موضوع الفلسفة . ولكي نتعرّف على حقيقة المراد من تحديد المصنّف موضوع الفلسفة بالموجود بما هو موجود ، لا بدّ من الالتفات إلى الأمور التالية : 1 - إنّ البحث في موضوعات العلوم ، من الأبحاث التي كان يهتمّ بها القدماء اهتماماً بالغاً ويذكرونها في مقدّمة كلّ علم ، والفلسفة من تلك العلوم التي أثبتوا لها موضوعاً وهو الموجود والواقعية المطلقة ، ويبتني هذا الأمر على ركيزتين لا بدّ من الإذعان بهما مسبقاً ، وهما : أوّلاً : إنّ لكلّ علم موضوعاً تدور حوله مسائل ذلك العلم ، فلو أنكر شخص هذه الكبرى الكلّية كما أنكرها بعض الأعلام ، فإنّه لا يبقى مجال لتحديد وبيان موضوع الفلسفة . ثانياً : لا بدّ أن يثبت أنّ للفلسفة موضوعاً واحداً تدور حوله مسائلها المختلفة . فإذا ثبت هذان الركنان يصل المجال إلى تحديد موضوع الفلسفة وبيان هويّته والمسائل الفلسفيّة التي تدور حوله ، إلاّ أنّ صدر المتألّهين لم يبحث في كلا الأمرين ، بل اعتبرهما من الأصول الموضوعة والمسلَّمة ، وتعرّض بنحو مباشر إلى تحديد موضوع الفلسفة وبيان حقيقته . وسنذكر في نهاية هذا الفصل نبذة مختصرة عن كلا الأمرين .