نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 517
والابتناء المسمى في عالم الحس نكاحا فيتولد عن هذا النكاح أمثال الزوجين من كل حيوان ونبات فيظهر إنسان من إنسانين وفرس من فرسين وقد يقع الالتحام من غير المثلين فيتولد بينهما شكل غريب ما يشبه عين واحد من الزوجين كالبغل بين الحمار والفرس وكل مولد بين شكلين مختلفين لا يولد أبدا فإنه عقيم فهو الذي يولد ولا يلد فنكاح مثل هذا النوع ليس لولادة ولكن لمجرد الشهوة والالتذاذ فيشبه النكاح الأول هذا النكاح الذي حرج عنه غير جنس الزوجين من كونه نكاحا في غير الجنس فيتولد بينهما الشكل الغريب ما يشبه واحدا منهما أعني من الزوجين فافهم وتلقيح الشجر بالرياح اللواقح من النكاح الطبيعي وأما الريح العقيم فيشبه نكاحها نكاح الشكل الغريب الذي لا يتولد عنه شئ وأعراس هذا النكاح الطبيعي ما هو المشهود في العرف المسمى عرسا في الشاهد من الولائم والضرب بالدفوف وأما ما يتولد من النكاح الطبيعي في الشجر فهو ما يعطيه من الثمر عند هذا الحمل وصورة وقع نكاح الأشجار زمان جرى الماء في العود وهو عند طلوع السعود فهو نكاح سعيد في طالع سعيد وما قبل ذلك فهو زمان خطبة ورسل تمشي بين الزوجين الرجل والمرأة ووقوع الولادة على قدر زمان حمل هذين النوعين من الشجر فمنه ما يولد في الربيع ومنه ما يولد في الصيف كما يكون حمل الحيوان يختلف زمانه باختلاف طبيعته فإنه لا يقبل من تأثير الزمان فيه إلا بقدر ما يعطيه مزاجه وطبعه فإذا نكح الجو الأرض وأنزل الماء ودبرته في رحمها آثار الأنوار الفلكية ضحكت الأرض بالأزهار وأنبتت من كل زوج بهيج وإنما كان زوجا من أجل ما يطلبه من النكاح إذ لا يكون إلا بين الزوجين فعين عرسه هو ما تبرزه من الأزهار والمخلقة في النبات هو ما سلم من الجوائح وغير المخلقة ما نزلت به الجائحة والله على كل شئ قدير فهذا قد ذكرنا طرفا من الخواتم والأعراس مجملا من غير تفصيل لكن حصرنا الأمهات في ذلك وأما الأسرار الأعجمية فإنما سمينها أعجمية لأن العربية من الأسرار هي التي يدركها عين الفهم صورا كالآيات المحكمات في الكتب المنزلة والأسرار الأعجمية ما تدرك بالتعريف لا بالتأويل وهي كالآيات المتشابهات في الكتب المنزلة فلا يعلم تأويلها إلا الله أو من أعلمه الله ليس للفكر في العلم بها دخول ولا له فيها قدم وما يتبع استخراج السر فيها إلا الذي ذكره الله تعالى وهو الذي في قلبه زيغ أي ميل عن الحق باتباعه ما قد ذكر الله فيه أنه لا يعلم تأويله إلا الله فمن أراد أن يعلم ذلك فلا يخض في تلك الأسرار وليتعمل في الطريق الموصلة إلى الله وهو العمل بما شرع الله له بالتقوى فإنه قال تعالى إنه ينتج لصاحبه علم الفرقان فإذا عمل به تولى الله تعليمه تلك الأسرار الأعجمية فإذا أنالها إياه صارت في حقه عربية فيعلم ما أراد الله بها ويزول عنه فيها حكم التشابه الذي كانت توصف به قبل العلم بها لأن الله جلاها متشابهة لها طرفان في الشبه فلا يدري صاحب النظر ما أراد منزلها بها في ذلك التشابه فإنه لا بد من تخليصه إلى أحد الطرفين من وجه خاص وإن جمعت بين الطرفين فلكل طرف منهما ما ليس للآخر من ذلك المخلوق أو من ذلك المنزل إن كان من صور كلام الله فالمنزل كقوله تعالى الرحمن على العرش استوى وكقوله وهو معكم أينما كنتم وكقوله ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وكقوله وهو الله في السماوات وفي الأرض وكقوله فهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وكقوله وجاء ربك والملك صفا صفا وأمثال هذا في الكتب المنزلة وأما أخبار الرسل المترجمين عن الحق ما أوحى به على ألسنتهم إلينا فلا تحصى كثرة من الأمور المتشابهة فلا يتبع ذلك بعد التعريف إلا من في قلبه زيغ وأما من يتبع الطرق الموصلة إلى الكشف عنها فما هو من أهل الزيغ بل هو من أهل الاستقامة فالمحمدي هو المحكم من الآيات لأنه عربي والمتشابه موسوي لأنه أعجمي فالعجمية عند أهل العجمية عربية والعربية عند الأعاجم عجمة وفي الألفاظ هي مستورة بالاصطلاح وما ثم عجمة إلا في الاصطلاح والألفاظ والصور الظاهرة وأما في المعاني فكلها عربية لا عجمة فيها فمن ادعى علم المعاني وقال بالشبه فلا علم له أضلا بما دعاه إنه علمه من ذلك فإن المعاني كالنصوص عند أهل الألفاظ لأنها بسائط لا تركيب فيها ولولا التركيب ما ظهر للعجمة صورة في الوجود وفي هذا المنزل من العلوم ما لا يحصى كثرة إن ذكرناها طال الأمر فيها ولهذا المنزل السيادة على كل منزل من منازل الجمع والوجود وقد ذكرنا حصر هذه المنازل في هذا الكتاب فيما تقدم
517
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 517