نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 516
فيما وصف به نفسه لم يدخله تحت حكم عقله من حيث نفسه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا واعلم أن مسمى النكاح قد يكون عقد الوطء وقد يكون عقدا ووطأ معا وقد يكون وطأ ويكون نفس الوطء عين العقد لأن الوطء لا يصح إلا بعقد الزوجين ومنه إلهي وروحاني وطبيعي وقد يكون مرادا للتناسل أعني للولادة وقد يكون لمجرد الالتذاذ فأما الإلهي فهو توجه الحق على الممكن في حضرة الإمكان بالإرادة الحبية ليكون معها الابتهاج فإذا توجه الحق عليه بما ذكرناه أظهر من هذا الممكن التكوين فكان الذي يولد عن هذا الاجتماع الوجود للممكن فعين الممكن هو المسمى أهلا والتوجه الإرادي الحي نكاحا والانتاج إيجادا في عين ذلك الممكن ووجودا إن شئت والأعراس الفرح الذي يقوم بالأسماء الحسنى لما في هذا النكاح من الإيجاد الظاهر في أعيان الممكنات لظهور آثار الأسماء فيه إذ لا يصح لها أثر في نفسها ولا في مسماها وإنما أثرها وسلطانها في عين الممكن لما فيه من الافتقار والحاجة إلى ما بيد الأسماء فيظهر سلطانها فيه فلهذا نسبنا الفرح والسرور وإقامة الأعراس إليها وهذا النكاح مستمر دائم الوجود لا يصح فيه انقطاع والطلاق لهذا العقد النكاحي لا يقع في الأعيان القابلة للاعراض والصور وإنما يقع في الصور والأعراض وهو عدمها لنفسها في الزمان الثاني من زمان وجودها وهو خلع لأنه رد الوجود الذي أعطاها عليه لأنه بمنزلة الصداق لعين هذا الممكن الخاص فإن قلت فالحق لا يتصف بالوجود الحادث فمن قبل هذا المردود وأين خزانته ولا بد له من محل قلنا تجلى الحق في الصور وتحوله الذي جاء به الشرع إلينا ورأيناه كشفا عموما وخصوصا هو عين ما ردته الممكنات الصورية والعرضية من الوجود حين انعدمت فالحق له نسبتان في الوجود نسبة الوجود النفسي الواجب له ونسبة الوجود الصوري وهو الذي يتجلى فيه لخلقه إذ من المحال أن يتجلى في الوجود النفسي الواجب له لأنه لا عين لنا ندركه بها إذ نحن في حال عدمنا ووجودنا مرجحين لم يزل عنا حكم الإمكان فلا نراه إلا بنا أي من حيث تعطيه حقائقنا فلا بد أن يكون تجليه في الوجود الصوري وهو الذي يقبل التحول والتبدل فتارة يوصف به الممكن الذي يختلع به وتارة يظهر به الحق في تجليه فانظر يا ولي في هذا الموطن فإنه موطن خفي جدا ولولا لسان الشرع الذي أومأ إليه ونبه عليه ما أفصحنا عنه لأهل طريقنا فإن الكثير من أهل طريق الله وإن شهدوا تجلى الحق لكن لا معرفة لهم بذلك ولا بما رأوه ولا صورة ما هو الأمر عليه ومن علم ما قررناه من بيان قصد الشرع فيه علم كيف صدور العالم وما هو العالم وما يبقى عينه من العالم وما يفنى منه وما يرثه الحق من العالم فإنه القائل إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون وما ورث على الحقيقة إلا الوجود الذي يتجلى فيه لمن ظهر من خلقه الذي اختلعت فيه صور الممكنات وأعراضها لأن الوارث لا يكون مع وجود الموروث عنه وبقائه وإنما يكون بعد انتقاله وعدمه من هذا الموطن وهو اتصافه بالعدم وليس ذلك إلا للصور والأعراض فهو وارث على الدوام والاختلاع واقع على الدوام والقبول حاصل على الدوام والنكاح لازم على الدوام وهذا معنى الديمومة المنسوبة إلى الحق فهو تعالى يعمل مع كونه لم يزل موجدا للعالم ولم يزل العالم محدثا فالعالم له حكم الحدوث في عين القدم فلا يعقل له طرف ينتهي إليه لأنه من ذاته لم يزل تحت حكم الترجيح الإلهي له إما بالعدم أو بالوجود وإذا تقرر هذا في النسبة الإلهية فلنذكر حكم النسبة الروحانية في هذه المسألة وذلك أن الوجود الذي ذكرناه في النسبة الإلهية هو الوجه الخاص الذي لكل ممكن من الله سواء كان هناك سبب وضعي أو لم يكن فالله الإيجاد على كل حال وبكل وجه علوا وسفلا وأما النكاح الروحاني فحضرته الطبيعة وهي الأهل الأصلي في النكاح الإلهي فإذا ولدت في النكاح الأول صورة من الصور كانت تلك الصورة أهلا لهذا الروح الكل فأنكحه الحق إياها فبنى بها فلما واقعها ظهر عن ذلك الوقاع ولد وهو الروح الجزئي فحييت به تلك الصورة وصار هذا الولد يقوم بها ويدبرها ويسعى عليها ويسافر ويقتحم الأخطار ليكتسب ما يجود به عليها حسا ومعنى أي من الأرزاق المحسوسة والمعنوية والعرس الذي يكون لهذا النكاح الروحاني إنما تقيمه القوي التي لا ظهور لها إلا في هذه الصورة الطبيعية بوجود هذا النكاح فيقع لها الالتذاذ والفرح بما يحصل لها من الأثر بوجود هذا البناء وأما النكاح الطبيعي فهو ما تطلبه هذه الأرواح الجزئية المدبرة لهذه الصور من اجتماع الصورتين الطبيعية بالالتحام
516
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 516