نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 354
حركاتهم في الدخول إلى الحضرة الإلهية من العالم والخروج منها إلى العالم وممن تمكن في هذا المقام أبو يزيد البسطامي ورأيت فيها علم تشخص العدم حتى يقبل الحكم عليه بما يؤثر فيه الوجود وإن لم يكن كذلك فلا يعقل وصورته صورة تجلى الحق في أي صورة ظهر يحكم عليه بما يحكم به على تلك الصورة التي تجلى فيها ويستلزمه حكمها ومن ذلك نسب إليه تعالى ما نسب من كل ما جاءنا في الكتاب والسنة ولا يلزم التشبيه ورأيت فيها علم الطب الإلهي في الأجسام الطبيعية لا في الأخلاق وقد يكون في الأخلاق فإن مرض النفس بالأخلاق الدنية أعظم من مرض الأجسام الطبيعية ورأيت فيها علم ما لا يتعدى العامل ما يقتضيه طبعه ومزاجه إن كان ذا مزاج فإن كان العامل ممن لا مزاج له فإن عمله بحسب ما هو عليه في ذاته ورأيت فيها علم حكم من يسأل عما يعلم فيجيب أنه لا يعلم فيكون ذلك علما به عند السائل أنه يعلم ما سأله عنه فإن أجابه بما يعلم كما هو الأمر في نفسه وعليه علم أنه لا يعلم المجيب ما سأل عنه السائل ورأيت فيها علم التعاون على حصول العلم إذا وجد هل يحصل به كل علم يتعاون عليه أو يحصل به علم بعض العلوم دون بعض ورأيت فيها علم سبب وضع الشرائع وإرسال الرسل ورأيت فيها علم التحكم على الرسل ما سببه وهل هو محمود أو مذموم أو لا محمود ولا مذموم أو في موطن محمود وفي موطن مذموم ورأيت فيها علم المانع من وقوع الممكنات دفعة واحدة أعني ما وقع منها وهل ذلك ممكن أم لا وفيما يمكن ذلك وفيما لا يمكن والذي يمكن فيه هل وقع أم لا وما ثم إلا جوهر أو عرض حامل ومحمول قائم بنفسه وغير قائم بنفسه فيدخل في ذلك التقسيم الجسم وغيره وهل الجسم مجموع أعراض وصفات والجوهر كذلك أم ليس كذلك ورأيت فيها علم مرتبة التسعة من العدد ورأيت فيها علم تعارض الخصمين ما أداهما إلى المنازعة هل أمر وجودي أو عدمي ورأيت فيها علم الحق المخلوق به ورأيت فيها علم تسمية الاسم الواحد من الأسماء بجميع الأسماء كما ذهب إليه صاحب خلع النعلين أبو القاسم بن قسي رحمه الله في كتاب خلع النعلين ورأيت فيها علم مراتب المحامد وعواقبها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الثامن والستون وثلاثمائة في معرفة منزل الأفعال مثل أتى ولم يأت وحضرة الأمر وحده ) إذا كان غير الجنس مثلي في الفصل * فأين امتيازي بالحديث عن النحل أنا ناطق والطير مثلي ناطق * كما جاء في القرآن في سورة النمل فلا تفرحن إلا بما أنت واحد * به فوجود الشكل يأنس بالشكل لقد كان لي شيخ عزير مقدس * يقول بتفضيل الأمور وبالوصل قال الله تعالى وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله وهذا القول لا يكون إلا يوم القيامة فما وقع فعبر بالماضي عن المستقبل لتحقق وقوعه ولا بد وزوال حكم الإمكان فيه إلى حكم الوجوب وكل ما كان بهذه المثابة فحكم الماضي فيه والمستقبل على السواء وسياقه بالماضي آكد في الوقوع وتحققه من بقائه على الاستقبال اعلم يا ولي أسعدك الله بالحق ونطقك به إن جماعة من أهل الله غلطوا في أمر جاء من عند الله تعالى وساعدناهم على غلطهم وما ساعدناهم ولكن مشينا أقوالهم لانتمائهم إلى الله حتى لا ينتمي إليه سبحانه إلا أهل حق وصدق وذلك أن الأمر الذي غلطوا فيه علم الحق المخلوق به وجعلوا هذا المخلوق به عينا موجودة لما سمعوا الله يقول إنه خلق السماوات والأرض بالحق وما أشبه هذه الآيات الواردة في القرآن والباء هنا بمعنى اللام ولهذا قال تعالى في تمام الآية تعالى الله عما يشركون من أجل الباء والأمر في نفسه في حق السماء والأرض وما أنزل ما بينهما حتى يعم الوجود كله مثل قوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون كذلك ما خلق السماوات والأرض إلا بالحق أي للحق فاللام التي نابت الباء هنا منا بها عين اللام التي في قوله ليعبدون فخلق السماوات والأرض للحق والحق أن يعبدوه ولهذا قال تعالى الله عما يشركون والشرك هو الظلم العظيم وما ظهر من موجود إلا من هذا النوع الإنساني وما ذكر الجن معه في الخلق للعبادة إلا لكونه أغواه بالشرك لا أنه أشرك والإنس هو الذي أشرك هذا إذا لم تكن الجن عبارة عن باطن الإنسان فكأنه يقول وما خلقت الجن وهو ما استتر من الإنسان وما بطن منه والإنس وهو ما يبصر منه لظهوره إلا ليعبدون
354
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 354