responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 355


ظاهرا وباطنا ثم قال أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين أي بين الخصومة ظاهر بها وقال خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين وذلك لدعواه في الربوبية وما خلقه الله إلا عبدا فلا يتجاوز قدره فنازع ربه في ربوبيته وما نازعه مخلوق إلا هو ووصف خصومته بالإبانة دون من وصفه بالخصومة من الملأ الأعلى وغيرهم وفي دعوى غير الربوبية فإنه ما من خصام يكون من مخلوق في أمر خلاف دعوى الربوبية إلا وهو ممكن أن يكون الحق بيده في ذلك ويخفى على السامع والحاكم فلا يدري هل الحق معه أو مع خصمه وهل هو صادق في دعواه أو هو كاذب للاحتمال المتطرق في ذلك إلا دعواه في الربوبية فإنه يعلم من نفسه ويعلم كل سامع من خلق الله أنه كاذب في دعواه وأنه عبد ولذلك خلقه الله فلهذا قيل فيه إنه خصيم مبين أي ظاهر الظلم في خصومته فمن نازع ربه في ربوبيته كيف يكون حاله ثم إن هذا الإنسان ليته يسعى في ذلك في حق نفسه فإنه يعلم من نفسه أنه ليس له حظ في الربوبية ثم يعترف بالربوبية لخلق من خلق الله من حجر أو نبات أو حيوان أو إنسان مثله أو جان أو ملك أو كوكب فإنه ما بقي صنف من المخلوقات إلا وقد عبد منه وما عبده إلا الإنسان الحيوان فأشقى الناس من باع آخرته بدنيا غيره ومن هلك فيما لا يحصل بيده منه شئ فيشهد على نفسه أنه أجهل الناس بغيره وأعلم الناس بنفسه لأنه ما ادعاها لنفسه ومن ادعاها لنفسه فإنما استخف قومه فأطاعوه لذلك وهو يعلم خلاف ذلك من نفسه ولذلك قال ما علمت لكم من إله غيري أي في اعتقادكم واعلم أن الحق تعالى لا يخلق شيئا بشئ لكن يخلق شيئا عند شئ فكل ما يقتضي الاستعانة والسببية فهي لام الحكمة فما خلق الله شيئا إلا للحق والحق أن يعبدوه فإذا هو خصيم مبين وما ذاك إلا من عمى القلوب التي في الصدور عن الحق فلو كانت غير معرضة عن الحق مقبلة عليه لأبصرت الحق فأقرت بالربوبية له في كل شئ ولم يشرك بعبادة ربه أحدا ولذلك قال فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا والصالح الذي لا يدخله خلل فإن ظهر فيه خلل فليس بصالح وليس الخلل في العمل وعدم الصلاح فيه إلا الشرك فقال ولا يشرك بعبادة ربه أحدا فنكر فعم كل من ينطلق عليه اسم أحد وهو كل شئ في عالم الخلق والأمر وعم الشرك الأصغر وهو الشرك الذي في العموم وهو الربوبية المستورة المنتهكة في مثل فعلت وصنعت وفعل فلان ولولا فلان فهذا هو الشرك المغفور فإنك إذا راجعت أصحاب هذا القول فيه رجعوا إلى الله تعالى والشرك الذي في الخصوص فهم الذين يجعلون مع الله إلها آخر وهو الظلم العظيم الذي ظلموا به هذا المقول عليه إنه إله مع الله فظلموا الله في وحدانية الألوهية له وظلموا الشريك في نسبة الألوهية إليه فيأخذهم الله بظلم الشريك لا بظلمه في أحديته فإن الذي جعلوه شريكا يتبرأ منهم يوم القيامة حيث تظهر الحقوق إلى أربابها المستحقين لها فعلى الحقيقة أن الله لا يخلق شيئا بشئ وإن خلقه لشئ فتلك لام الحكمة وعين خلقه عين الحكمة إذ خلقه تعالى لا يعلل فالخلق عبد بالذات أثرت فيه العوارض ولا سيما الشخص الإنساني بل ما أثرت العوارض إلا في الشخص الإنساني وحده دون سائر الخلق وما سواه فعلى أصله من تنزيه خالقه عن الشريك ولذلك قال وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون وهذا ضمير الجمع في تفقهون إنما هم الناس خاصة فجميع المخلوقات عبدوا الله إلا بعض الناس فالإنسان ألد الخصام حيث خاصم فيما هو ظاهر الظلم فيه وليس إلا الربوبية وهل رأيتم عبدا يخاصم ربه إلا إذا خرج عن عبوديته وزاحم سيده في ربوبيته فادعى ملكا لنفسه فإذا تصرف فيه سيده نازعه فيه وخاصمه فما وقعت خصومة من عبد في عبودية وإنما وقعت فيما هو رب فيه ومالك له وكثير من أهل الله من العلماء منهم ممن لا أذكره ولا أسميه فإن هذه النسبة إليه نسبة تنص على جهله فلذلك تأدبت معه فقرروا المخلوق به على وجهين فمنهم من جعل هذا الحق المخلوق به عين علة الخلق والحق تعالى لا يعلل خلقه هذا هو الصحيح في نفسه حتى لا يعقل فيه أمر يوجب عليه ما ظهر من خلقه بل خلقه الخلق منة منه على الخلق وابتداء فضل وهو الغني عن العالمين ومنهم من جعل هذا الحق المخلوق به عينا موجودة بها خلق الله ما سواها وهم القائلون بأنه ما صدر عن الواحد إلا واحد وكان صدور ذلك الواحد صدور معلول عن علة أوجبت العلة صدوره وهذا فيه ما فيه والذي أقول به إنه إذا جاء أمر الله فالآمر الأمر * وذلك توحيد إلى من له الأمر

355

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست