نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 123
اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم وموطن الدنيا الذي وقع فيه الاستغفار يقتضي أن يقبل بخلاف موطن الآخرة فكما أنه استوى عندهم الإنذار وعدم الإنذار فلم يؤمنوا كذلك استوى في حقهم في الآخرة وجود الصبر وعدمه فلم يؤثر في نفوذ الجزاء الوفاق وعلم الاعتماد على غير الله مما يحمد الله أن يعتمد عليه ما أثره في الدار الآخرة في الجزاء الوفاق وعلم سبب النكاح الذي لا يكون عنه التناسل لإبقاء ذلك النوع وعلم سبب المعاطاة من غير حاجة إذ المعاطاة لا تكون إلا في ذي حاجة وعلم وجود الامتنان مع المعاوضة في البيوع لا في الهبات لأن الامتنان في الهبات معقول ولهذا شرعت المكافاة عليه ليضعف سلطان الامتنان والسبب الذي يرفع الامتنان من العالم ولمن ينبغي الامتنان مع المعاوضة وعلم الفرق بين الكهانة والوحي وعلم ما هو الهوى والعقل الذي يقابله وعلم من أين خلق العالم هل من شئ أو من لا شئ وعلم هل تتفاضل الأرواح في القوة فيؤثر بعضها في بعض كالقوى الجسمانية أم لا وعلم الخزائن الإلهية وما اختزن فيها وأين مكانها وعلم عندية الحق هل هي نسبة أو ظرف وجودي وعلم ترقي العالم الطبيعي على أي معراج يكون هل على طبيعي فيفتقر أيضا إلى معراج أو على غير طبيعي وعلم صورة تأثير المعاني اللطيفة في الأجرام الكثيفة وعلم تأثير القصد في الأفعال وعلم ما ينبغي أن يكون عليه الإله من الصفات وعلم سبب خيبة الظنون في وقت دون وقت وعلم أحوال التنزيه فهذا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم قد ذكرناه لتتوفر همة الطالب على طلبها من الله أو من العالم بها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الثالث والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك وهو من الحضرة الموسوية ) إن النفوس لتجزى بالذي كسبت * من كل خير ولا تجزى بما اكتسبت ما الاكتساب بكسب إن علمت به * جنيت من خير يوم الدين ما غرست اعلم أيدك الله أن الله تعالى خلق جميع من خلق في مقام الذلة والافتقار وفي مقامه المعين له فلم يكن لأحد من خلق الله من هؤلاء ترق عن مقامه الذي خلق فيه إلا الثقلين فإن الله خلقهم في مقام العزة وفي غير مقامهم الذي ينتهون إليه عند انقطاع أنفاسهم التي لهم في الحياة الدنيا فلهم الترقي إلى مقاماتهم التي تورثهم الشهود والنزول إلى مقاماتهم التي تورثهم الوقوف خلف الحجاب فهم في برزخ النجدين إما شاكرا فيعلو وإما كفورا فيسفل قال تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما قال إلا في العبادة فلما جعل العبادة بأيديهم وجعلها المقصود منه بخلقهم فمنهم من قام بما قصد له فكان طائعا مطيعا لأمر الله الوارد عليه بالأعمال والعبادة فإنه قال لهم أعبدون كما أخبر أنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني هذا أمر بعبادة وأقم الصلاة لذكري هذا أمر بعمل والعمل ما هو عبادة فالعمل صورة والعبادة روحها فالعبادة مقبولة عند الله على كل حال اقترنت بعمل أو لم تقترن والعمل لغير عبادة لا يقبل على كل حال من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة لكن من حيث إن العمل صدر من الجوارح أو من جارحة مخصوصة فإنها تجزى به تلك الجارحة فيقبل العمل لمن ظهر منه ولا يعود منه على النفس الآمرة به للجوارح شئ إذا كان العمل خيرا بالصورة كصلاة المرائي والمنافق وجميع ما يظهر على جوارحه من أفعال الخير الذي لم تقصد به النفس عبادة وأما أعمال الشر المنهي عنها فإن النفس تجزى بها للقصد والجوارح لا تجزى بها لأنه ليس في قوتها الامتناع عما تريد النفوس بها من الحركات فإنها مجبورة على السمع والطاعة لها فإن جارت النفوس فعليها وللجوارح رفع الحرج بل لهم الخير الأتم وإن عدلت النفوس فلها وللجوارح فإن النفوس ولاة الحق على هذه الجوارح والجوارح مأمورة مجبورة غير مختارة فيما تصرف فيه فهي مطيعة بكل وجه والنفوس ليست كذلك ومن النفوس من لم يقم بما قصد له فكان عاصيا مخالفا أمر الله حين أمره بالأعمال والعبادة فالطائع يقع منه العبادة في حالة الاضطرار والاختيار وإن لم يكن مطيعا من حيث الأمر بالعمل فإن كان مطيعا طائعا فقد فاز بوقوع ما قصد له في الخلق والأمر فإن لله الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين وأما العاصي فلا تقع منه العبادة إلا في حال الاضطرار لا في حال الاختيار ويقع منه صورة العمل لا العمل المشروع له فهو مخالف
123
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 123