responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 288


( الباب الثامن والخمسون ) في معرفة أسرار أهل الإلهام المستدلين ومعرفة علم إلهي فاض على القلب ففرق خواطره وشتتها إذا أعطاك بالإلهام علما * تحققه فأنت به سعيد كمثل النحل مختلف المعاني * قوي في مبانيه سديد فتلقى طيبا عن طيب أصل * وأنت لحالها أبدا شهيد وفي الأشجار والشم الرواسي * لها من فعلها قصر مشيد فلا تعجزك للعلياء نحل * وأنت السيد الندب الجليد فمنك القصد خيرا واختيارا * كما لك في منازلك القصود فحقق والتمس علما وحيدا * كمثلك إنك الخلق الجديد اعلم أيدك الله بروح منه أن الله عز وجل أمرنا بالعلم بوحدانيته في ألوهيته غير أن النفوس لما سمعت ذلك منه مع كونها قد نظرت بفكرها ودلت على وجود الحق بالأدلة العقلية بل بضرورة العقل بعلم وجود الباري تعالى ثم دلت على توحيد هذا الموجود الذي خلقها وأنه من المحال أن يوجد واجبا الوجود لنفسه ولا ينبغي أن يكون إلا واحدا ثم استدلوا على ما ينبغي أن يكون عليه من هو واجب الوجود لنفسه من النسب التي ظهر عنه بها ما ظهر من الممكنات ودل على إمكان الرسالة ثم جاء الرسول وأظهر من الدلائل على صدقه أنه رسول من الله إلينا فعرفنا بالأدلة العقلية أنه رسول الله فلم نشك وقام لنا الدليل العقلي على صدق ما يخبر به فيما ينسب إليه ورآه قد أتى في أخباره عنه تعالى بنسب وأمور كان الدليل العقلي يحيلها ويرمي بها فتوقف العقل وأنهم معرفته وقدح في دليله هذا الإنباء الإلهي بما نسبه لنفسه ولا يقدر على تكذيب المخبر ثم كان من بعض ما قال له هذا الشارع اعرف ربك وهذا العاقل لو لم يعلم ربه الذي هو الأصل المعول عليه ما صدق هذا الرسول فلا بد أن يكون العلم الذي طلب منه الرسول أن يعلم به ربه غير العلم الذي أعطاه دليله وهو أن يتعمل في تحصيل علم من الله بالله يقبل به على بصيرة هذه الأمور التي نسبها الله إلى نفسه ووصف نفسه بها التي أحالها العقل بدليله فانقدح له بتصديقه الرسول إن ثم وراء العقل وما يعطيه بفكره أمرا آخر يعطي من العلم بالله ما لا تعطيه الأدلة العقلية بل تحيله قولا واحدا فإذا علمه بهذه القوة التي عرف أنها وراء طور العقل هل يبقى له الحكم فيما كان يحيله العقل من حيث فكره أولا على ما كان عليه أم لا يبقى فإن لم يبق له الحكم بأن ذلك محال فلا بد أن يعثر على الوجه الذي وقع له منه الغلط بلا شك وأن ذلك الذي اتخذه دليلا على إحالة ذلك على الله لم يكن دليلا في نفس الأمر وإذا كان هذا فما ذلك الأمر مما هو وراء طور العقل فإن العقل قد يصيب وقد يخطئ وإن بقي للعقل بعد كشفه وتحقيقه لصحة هذا الأمر الذي نسبه الله لنفسه ووصف به نفسه وقبلته عقول الأنبياء وقبله عقل هذا المكاشف بلا شك ولا ريب ومع هذا فإنه يحكم على الله بأن ذلك الأمر محال عقلا من حيث فكره لا من حيث قبوله وحينئذ يصح أن يكون ذلك المقام وراء طور العقل من جهة أخذه عن الفكر لا من جهة أخذه عن الله هذا ومن أعجب الأمور عندنا إن يكون الإنسان يقلد فكره ونظره وهو محدث مثله وقوة من قوى الإنسان التي خلقها الله فيه وجعل تلك القوة خديمة للعقل ويقلدها العقل فيما تعطيه هذه القوة ويعلم أنها لا تتعدى مرتبتها وأنها تعجز في نفسها عن إن يكون لها حكم قوة أخرى مثل القوة الحافظة والمصورة والمتخيلة والقوي التي هي الحواس من لمس وطعم وشم وسمع وبصر ومع هذا القصور كله يقلدها العقل في معرفة ربه ولا يقلد ربه فيما يخبر به عن نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا من أعجب ما طرأ في العالم من الغلط وكل صاحب فكر تحت حكم هذا الغلط بلا شك إلا من نور الله بصيرته فعرف إن الله قد أعطى كل شئ خلقه فأعطى السمع خلقه فلا يتعدى إدراكه وجعل العقل فقيرا إليه يستمد منه معرفة الأصوات وتقطيع الحروف وتغيير الألفاظ وتنوع اللغات فيفرق بين صوت الطير وهبوب الرياح وصرير الباب وخرير الماء وصياح الإنسان ويعار الشاة وثؤاج الكباش وخوار البقر ورغاء الإبل وما أشبه هذه الأصوات كلها ولبس في قوة لعقل من حيث ذاته إدراك

288

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست