responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 287


في الشرع أو قامت عندها شبهة بإباحة ذلك فيراه من مذهبه التحريم فيقول إن النفس لأمارة بالسوء كشرب النبيذ بين محلله ومحرمه ونكاح الربيبة التي لم يجتمع فيها الشرطان ومثل هذا في الشريعة كثير وكلا المذهبين شرع مقرر صحيح إذا كانا عن اجتهاد مع أن أحدهما أخطأ دليل الشارع الذي حكم به في تلك المسألة أو لو حكم فيها والمجتهدان مأجوران وقد يكون في المسألة أحد المجتهدين مصيبا وقد يكون كل واحد منهما مخطئا فإن الحكم في تلك المسألة شرعا ليس بمنحصر ثم إن قول الله تعالى إن النفس لأمارة بالسوء فما هو حكم الله عليها بذلك وإنما الله حكى ما قالته امرأة العزيز في مجلس العزيز وهل أصابت في هذه الإضافة أولم تصب هذا حكم آخر مسكوت عنه بل الذي هو لها أنها لوامة نفسها إذا قبلت من الشيطان ما يأمرها به فهذا الإخبار عن النفس أنها أمارة بالسوء ما هو حكم الله عليها ولا من قول يوسف عليه السلام فبطل التمسك بهذه الآية لما دل عليه الظاهر والدليل إذا دخله الاحتمال سقط الاحتجاج به وأما قوله تعالى في هذا المقام كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك فهو إبانة عن حقيقة صحيحة بما هو الأمر عليه في نفسه من أنه لا حول ولا قوة إلا بالله وقوله وما كان عطاء ربك محظورا أي ممنوعا يقول إن الله يعطي على الدوام والمحال تقبل على قدر حقائق استعداداتها كما تقول إن الشمس تنبسط أنوارها على الموجودات وما تبخل بنورها على أحد وتقبل المحال ذلك النور على قدر استعدادها وكل محل يضيف الأثر إلى الشمس ويغفل عن استعداده فالشخص المبرود يلتذ بحرارتها والجسم المحرور يتألم بحرارتها والنور من حيث ذاته واحد وكل واحد من الشخصين يتألم بما به يتنعم صاحبه فلو كان ذلك للنور وحده لأعطى حقيقة واحدة وكذلك أعطى ما في قوته غير أنه للقابل حكم في ذلك ولا بد فإن النتيجة لا تكون إلا عن مقدمتين فيسود وجه القصار الذي يبيض الثوب فإن استعداد الثوب تعطي الشمس فيه التبيض ووجه القصار تعطي الشمس فيه السواد وكذلك النفخة الواحدة من النافخ وهي الهواء تطفئ السراج وتشعل النار الذي في الحشيش والهواء في نفسه واحد فترد الآية من كتاب الله واحدة العين على الأسماع فسامع يفهم منها أمرا واحد أو سامع آخر لا يفهم منها ذلك الأمر ويفهم منها أمرا آخر وآخر يفهم منها أمورا كثيرة ولهذا يستشهد كل واحد من الناظرين فيها بها لاختلاف استعداد الأفهام وهكذا في التجليات الإلهية فالمتجلي من حيث هو في نفسه واحد العين واختلفت التجليات أعني صورها بحسب استعدادات المتجلي لهم وكذلك في العطايا الإلهية سواء فإذا فهمت هذا علمت إن عطاء الله ليس بممنوع إلا أنك تحب أن يعطيك ما لا يقبله استعدادك وتنسب المنع إليه فيما طلبته منه ولم تجعل بالك إلى الاستعداد فقد يستعد الشخص للسؤال وما عنده استعداد لقبول ما سأل فيه فلو أعطيه بدلا من المنع ويقول إن الله على كل شئ قدير ويصدق في ذلك ولكنك تغفل عن ترتيب الحكمة الإلهية في العالم وما تعطيه حقائق الأشياء والكل من عند الله فمنعه عطاء وعطاؤه منع ولكن بقي لك أن تعلم لكذا ومن كذا فقد عرفتك بالنفس وأنها المحركة للجوارح بما يغلب عليها أما من ذاتها أو مما تقبله من الملك أو الشيطان فيما يلهمها به فعلم الإلهام هو أن تعلم أن الله ألهمك بما أوقره في نفسك ولكن بقي عليك إن تنظر على يدي من ألهمك وعلى أي طريق جاءك ذلك الإلهام من ملك أو شيطان وما يخرج من قبيل الأمر والنهي المشروع فهو العلم اللدني ما هو الإلهام فالعلم بالطاعة الهامي والعلم نتائج الطاعة لدني ففرق ما بين العلم اللدني والإلهام فالإلهام عارض طارئ يزول ويجئ غيره والعلم اللدني ثابت لا يبرح فمنه ما يكون في أصل الخلقة والجبلة كعلم الحيوانات والأطفال الصغار ببعض منافعهم ومضارهم فهو علم ضروري لا إلهام وأما قوله وأوحى ربك إلى النحل فإنه يريد في أصل نشأتها فطرها الله على ذلك والإلهام هو ما يلهمه العبد من الأمور التي لم يكن يعرفها قبل ذلك والعلم اللدني الذي لا يكون في أصل الخلقة فهو العلم الذي تنتجه الأعمال فيرحم الله بعض عباده بأن يوفقه لعمل صالح فيعمل به فيورثه الله من ذلك علما من لدنه لم يكن يعلمه قبل ذلك ولا يلزم من العلم اللدني أن يكون في مادة والإلهام لا يكون إلا في مواد والعلم يصيب ولا بد والإلهام قد يصيب وقد يخطئ فالمصيب منه يسمى علم الإلهام وما يخطئ منه يسمى إلهاما لا علما أي لا علم إلهام والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

287

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست