نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 169
وإلاّ فمع العجز عن البرهان فإنّ ذلك المطلب العرفاني لا يكون حجّة إلاّ على صاحبه ، بل إذا أردنا أن نترقّى أكثر من ذلك فإنّ المحقّقين من علمائنا أمثال العلاّمة الطباطبائي والشيخ جوادي آملي يقولون بأنّه لا يكون حجّة حتّى على نفسه إلاّ مع البرهان . فالعارف عندما كوشف وخرج من حالة المشاهدة ، فإنّ تلك الحالة التي كوشف بها والمشاهدة التي كان عليها ثمّ رجع إلى مرحلة الصحوة ورجع إلى نفسه إذا أراد أن يترجم ويبيّن تلك المشاهدات والمكاشفات ، فهنا قد يقع في خطأ الترجمة والبيان ، وهذا ممكن لأنّ الإنسان ليس معصوماً . نعم ، المعصوم وحده يكون ما يقوله مطابقاً لمكاشفاته ولا يخطئ فيها . ويبرّر الطباطبائي وقوع ذلك الخطأ بأنّ ترجمة الواقع إلى ألفاظ وإلى بيان ؛ فإنّ هذا النقل من العلم الحضوري إلى العلم الحصولي ، ومن الواقع إلى الألفاظ ، فإنّ هذا يرتبط بالجانب العلمي من الإنسان ، وهو أنّ الإنسان إذا كان مزكّى فإنّه يستطيع أن يتخلّص من الأخطاء ، وإذا لم يكن مزكّى فلا يستطيع أن يتخلّص منها ، لأنّ الشيطان مترصّد للإنسان ؛ قال تعالى حكاية عن إبليس : * ( لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) * [1] . ثمّ يتابع الطباطبائي القول بأنّ مدّعيات العارف إن استطعنا أن نقيم البرهان عليها فهي حجّة على الجميع ، لا لأنّها مكاشفات عارف بل لأنّها أُقيم الدليل البرهاني عليها ، وإن لم يمكن إقامة البرهان عليها فهي ليست حجّة على الغير ، نعم هي حجّة على نفسه . ويترقّى بعضهم فيقول : بأنّها ليست حجّة حتّى على نفس العارف