نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 162
والمعنى أنّ تلك المعارف لها قامة وخِيطَ لها ثوب مركّب من تسعة وعشرين حرفاً ، وعندما نريد أن نأتي إلى تلك القامة الموجودة لتلك المعارف لا نستطيع أن نستوعبها ونعطيها حقّها كما هو واقعها وحالها . وهذا المعطى يشير إلى أنّ عندنا مشكلتين : المشكلة الأولى : مشكلة الاستدلال . المشكلة الثانية : مشكلة الخطاب والبيان . أي : إنّنا في العرفان النظري نواجه مشاكل منها أنّ هناك جملة من المعارف عندما يريد العارف أن يبيّنها فإنّه عندما يأتي إلى عالم اللفظ يرى أنّها تأخذ مدلولاً آخر . ولتقريب الموضوع إلى الذهن نتساءل : عندما يقول العارف إنّ الفناء من أعلى مقامات الإنسان في سيره التكاملي ، فما هو معنى الفناء الذي كثيراً ما يستعمله العرفاء في بياناتهم ؟ إذن جملة من المطالب في العرفان عندما يريد العرفاء التعبير عنها يواجهون المشاكل بسبب ضيق عالم الألفاظ ، وعالم اللغة ، وبسبب قصورها جميعاً ، فلا بدّ أن يكون العارف دقيقاً جدّاً عندما يريد أن يبيّن تلك المعارف بواسطة هذه الألفاظ . من هنا نجد أنّ القرآن الكريم يؤكّد دائماً هذه الحقيقة بقوله تعالى : * ( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) * [1] . فالإتيان بالأمثال سببه أنّ تلك الحقائق لا يمكن بيانها باللفظ ، وإنّما لا بدّ أن تقرّب إلى الأذهان