نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 249
من المعلول إلى العلّة ، وهذا هو معنى السفر من الخلق إلى الحقّ . فيكون مقصد السالك هنا هو الواحد بالوحدة الحقّة الحقيقة ، والمؤثّر الحقيقي والعلّة التامّة وهو الحقّ تبارك وتعالى ، والمبدأ في سلوكه وانطلاقه هو عالم الآثار والكثرة الحقيقيّة ، فلا المقصد فيه كثرة ، ولا المبدأ والمنطلق في قوس الصعود فيه وحدة حقّة . معنى الاحتجاب والفناء عرفنا ممّا تقدّم أنّ السفر الأوّل هو سفر من عالم الكثرة ( الخلق ) إلى عالم الوحدة ( الله تعالى ) ، وأنّ السالك في هذا السفر لا بدّ أن يجعل الكثرة محتجبة بالوحدة ، لا أن يجعل الوحدة محتجبة بالكثرة . فإنّه في مبدأ هذا السفر كانت الوحدة عنده محتجبة بالكثرة ، لكنّه في خاتمة هذا السفر لا بدّ أن تكون الكثرة هي المحتجبة بالوحدة . والسؤال الذي يطرح نفسه : ما معنى الاحتجاب هذا ؟ أهو بمعنى إعدام عالم الكثرة أم هو شيءٌ آخر ؟ والجواب هو أنّ المراد من الاحتجاب هو عدم رؤية عالم الكثرة ، لا أنّه عدمٌ لعالم الكثرة . بعبارة أخرى : هو عدم الالتفات إلى الكثرة والانشغال التامّ بالوحدة . ومن الواضح أنّ عدم الالتفات إلى الشيء لا يعني انعدامه خارجاً . ولعلّك تسأل : كيف يمكن التصديق بحالة عدم الالتفات هذه ؟ أيُعقل أن لا يلتفت الإنسان إلى أفعاله ؟ والجواب هو : أنّ هذا المعنى حاصل ، ولنا شاهد قرآنيّ على حصوله مع كون الفعل المرافق له موجباً للألم الشديد ، وهو قوله
249
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 249