نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 250
تعالى : * ( فَلَمَّا رَأَينَهُ أَكبَرنَهُ وَقَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ ) * ، فالنسوة هنا مع كونهنّ أضعف الناس إلاّ أنّهن لم يجدن ألم قطع الأيدي عند لقائهنّ يوسف عليه السلام بل صحْنَ بدهشة : * ( مَا هَذَا بَشَرًا ) * وقُلن بوجد : * ( إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ) * [1] . وهنا يعلّق صاحب الرسالة القشيريّة قائلاً : « فهذا تغافل مخلوق عن أحواله عند لقاء مخلوق ، فما ظنّك بمن تكاشف [2] ؟ وعليه فعدم الالتفات أمرٌ ممكن ، بل واقع ، بل كثير الوقوع . وهذا المعنى للاحتجاب هو نفسه معنى الفناء ، فإنّ السالك في هذا المقام الذي هو منتهى السفر الأوّل ، لا يرى في العالم إلاّ الوحدة ، وبذلك تحتجب الكثرة فيصير المرئيّ واحداً لا غير ، وهو الله سبحانه وتعالى ، وهذه هي وحدة الشهود ، حيث لا يرى السالك غير محبوبه ومقصوده ، فيكون السالك عارفاً بربّه ، ويبقى عليه فيما بعد أن يرى بعينه الأخرى أنّ الوحدة كامنة في الكثرة ، والكثرة في الوحدة ، وذلك عندما يصير السالك في وجوده حقّانيّاً ووليّاً من أولياء الله تعالى ، وهذا ما سنعرفه فيما بعد . وما دمنا بصدد بيان معنى الفناء فإنّه ينبغي توضيح مراتبه ، فإنّ للفناء مراتب ثلاثاً ، هي : المرتبة الأولى : الفناء عن التعلّقات النفسيّة . المرتبة الثانية : الفناء عن التعلّقات القلبيّة .