نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 248
إلاّ ورأيت الله قبله وبعده ومعه [1] ، فلا يرى في الوجود إلاّ الله والشيء الجميل الحسن ، ولا وجود للقبيح في نظره [2] . والإنسان السالك يسير في سفره الأوّل باتّجاه التخلّص من أنانيّته وإنّيته ، وما دام هو في دائرة وحدود هذا السفر « من الخلق إلى الحقّ » فإنّ للأنانية صوتاً وللذات قدماً في مرتكز النفس . وبما أنّ هذه النشأة المادّية هي نشأة الكثرة لا الوحدة ، ونشأة الغيبوبة ونشأة حركة التجافي ، حيث يعني الحركة فيه الخروج من القوّة إلى الفعل ، وأنّ كلّ جزء لاحق لا يتحقّق إلاّ بانعدام الجزء السابق ، فهي فضلاً عن كونها نشأة الكثرات الحاضرة بالفعل فإنّها نشأة الكثرة التي تغيب بعض أجزائها عن البعض الآخر . وهذا هو مُراد الحكماء من أنّ وجود الأشياء في عالم المادّة يكون بنحو تدريجي لا دفعي ، فإنّه - وفي ضوء ما تقدّم - سوف يكون الحاكم في هذه النشأة هو الكثرة لا الوحدة ، ولذا تجد السالك إلى الله تعالى في هذا السفر الأوّل يكون محتجباً عن الوحدة ، وهذا الحجاب ناشئ من الكثرة . بعبارة أخرى : إنّ الوحدة محجوبة عن السالك بالكثرة ، أو أنّه محجوب بعالم المادّة عن الوحدة ، ولذا فهو في هذا السفر الأوّل يبدأ رحلة تنقله من عالم الكثرة إلى عالم الوحدة ، من عالم المادّة والطبيعة إلى الله تعالى ، من عالم الآثار إلى المؤثّر ، وبعبارة فلسفيّة : إنّه سفر وانتقال
[1] الخميني ، الإمام روح الله ، مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، تقديم : السيد أحمد الفهري ، مؤسسة الوفاء ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1993 م : ص 22 . [2] الحيدري ، السيد كمال ، التربية الروحيّة ، دار فراقد ، قم ، الطبعة السادسة ، 1424 ه - : ص 90 .
248
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 248