بقوله أما ما دامت هي بحال لا يمكن أن يبرز فعلها بنفسها إلا بمشاركة هذا الهيكل الحامل فإن قوامها بذاتها محال إذ لو بقيت بعده وليس لها فعل يخصها لكان بقاؤها بنفسها عبثا ولغوا والوضع الحكمي لا يسوق الشيء إلى العبث [1] .
حكمة مشرقية إن بناء هذا الكلام ونظائره على انحصار نشئات الإنسان في النشئات الحسية والنشأة 9 العقلية وجمهور الحكماء لما لم يتفطنوا بنشأة أخروية غير النشأة العقلية اضطروا إلى هذه الأقوال فتارة قالوا بعدم بعض النفوس واضمحلالها وتارة بتناسخ الأرواح السافلة والمتوسطة أما السافلة فإلى الأكوان العنصرية من إنسان آخر أو حيوان أو نبات أو جماد وذلك هو المسخ والنسخ والفسخ والرسخ [1] .
وأما المتوسطة فإلى عالم الأفلاك وتارة بصيرورة بعض الأجرام العالية موضوعا لتخيلات نفوس الصلحاء والزهاد من غير أن يصير متصرفة فيه وبعض الأجرام الدخانية للنفوس الشقية .
ونحن قد أقمنا البرهان على أن العوالم ثلاثة والمشاعر الإدراكية منحصرة في ثلاثة الحس والتخيل والتعقل ولكل منها عالم .
وأما الوهم فهو مدرك المعاني مضافة إلى المواد فليس يختص به نشأة بل وجوده وجود عقل كاذب كما أن الشيطان ملك بالعرض .
فالله تعالى خلق الوجود نشئات ثلاث وعوالم ثلاث دنيا وبرزخ متوسط و

[1] : واعلم أن الشيخ بناء على القواعد المسلمة عنده يقول بفساد القوى وبوار البدن واضمحلال الهيكل الحيوانات بعد الموت منشأ هذا الاعتقاد عدم الإيمان بتجرد النفوس الحيوانية والنفوس الإنسانية التي لم تبلغ درجة إدراك المعقولات والصور الكليات ونحن قد أثبتنا تجرد نفوس الحيوانية وتجرد القوى المدركة للأشباح والأجسام تجردا برزخيا وقد ذكرنا تحقيق القول في الرسالة التي وضعناه في إثبات تجرد الخيال وبيان عالم المثال .
[1] : وهي المسخ والنسخ .

225