وقيل في تغاير هاتين القوتين إن قوة القبول غير قوة الحفظ فرب قابل غير حافظ فإن القبول انفعال والحفظ فعل وهما مقولتان [1] فهاتان متغايرتان .
وأما مدرك المعاني والأحكام الجزئية فمنه الوهم الرئيس للقوى الإدراكية كالشوقية للقوى التحريكية وأخص مواضعه آخر التجويف الأوسط من الدماغ ومنه القوة الذاكرة والمسترجعة وهي قوة في آخر تجاويف الدماغ تحفظ ما يدركه الوهم أو يذعنه نسبتها إليه المصورة إلى الحس المشترك ونسبة هاتين إلى عالم النفس كنسبة القلم واللوح إلى عالم الإنسان الكبير وأما المتصرف فله تركيب الصور بعضها ببعض أو تركيب المعاني كذلك أو تركيب أحد القبيلين بالآخر وله الفعل والإدراك الفعل له والإدراك لمستعملة سميت متخيلة في الحسيات ومتفكرة عند استعمال العقل إياها في العقليات وموضعها في التجويف الأوسط عند الدودة .
ولكل من هذه القوى والآلات روح يختص بها وهو جرم حار لطيف حادث عن صفو الأخلاط الأربعة شبيهة في الصفاء واللطافة بالفلك الخالي عن التضاد الكائن فوق العناصر قبل هذه الأضداد .
فهذا في مراتب العود كهو في مراتب البدو ولهذا يحتمل [1] القوى المدركة والمحركة كالفلك يقبل آثار العقول والنفوس .
تنبيه واعلم أن وحدة الذاكرة اعتبارية لتركيب الذكر من فعل قوتين إدراك لاحق وحفظ سابق وكذا المسترجعة لتركب الاسترجاع من إدراك وحفظ وتصرف بالمراجعة إلى الخزانة في تفتيش المخزونات فلا يزيد عدد الباطنيات على خمس كما

[1] : ليس في النسخ الموجودة عندنا لفظة فهاتان .
[1] : وهذا مما يحمل القوى المدركة د ط .

194