إسم الكتاب : الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية ( عدد الصفحات : 379)

محركا فعدد المحركات كعدد المتحركات وعلمت استناد الحركات الطبيعية إلى أشواق وإرادات وعلمت انتهاء الأشواق إلى غايات عقلية .
فلو كانت المتحركات والمحركات ينسب إليه تعالى وإلى فيضه الأول ابتداء لا على ترتيب أول وثان بل جملة واحدة لكان تطرقت إلى ذاته كثرة الجهات وقد أقيم البرهان على وحدته وعلى أن فيضه الأول وحداني بالذات مثلث بالعرض فيكون الجواهر المفارقة كثيرة على عدد المتحركات [1] والحركات الكلية .
ثم إنه قد ظهر للحكماء بصناعة المجسطي وجود أجرام كثيرة سماوية فوق الخمسين دورية الحركات الدائمة المختلفة قدرا وجهه ولكل كرة متحركة قوة محركة شوقية غير متناهية الشوق ومحرك ثابت كما يحرك المعشوق العاشق .
فلكل منها محركان مفارق عقلاني ومزاول نفساني يتقوم بهما [ متقوم بهما ] صورة الجرم السماوي فالمحركات المفارقة يحرك النفوس على أنها مشتهيات معشوقه والمحركات المزاولة يحرك المادة على أنها مشتهية عاشقة .
وطبائع السماوات هي صور هذه الحركات المادية ونفوسها صور الأشواق العقلية والكل أحياء ناطقون وعشاق الهيون .
والعقول أعلاها مرتبة وأقربها منزلة من الحق وأشدها عبودية وعشقا له فعددها على عدد الأكر وعدد مدبراتها .
فجنود الله كثيرة لا يعلم عددها إلا هو كما قال « وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ » [1]

[1] : في النسخة المطبوعة أي الطبعة الحجرية على عدد المحركات والحركات الكلية وفي أكثر النسخ المخطوطة على عدد المتحركات .
[1] : سورة المدثر 74 آية 334 .

141