إلى اللَّه تعالى ، وبعضها بالنسبة إلى الذبّ عن حرم دينه . وحيث إنّ الركوع وكذا السجود للَّه سبحانه من الأجزاء الهامّة للصلاة وتمثّل للتذلَّل في فنائه فلذا قد يؤمر العبد بالصلاة نفسها كما في غير واحدة من الآيات الآمرة بها ، وبإقامتها ، وقد يؤمر بالركوع والسجود كما في قوله تعالى * ( « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » ) * [1] . ولمّا كان كلّ واحد من الركوع والسجود تخضّعا فعليّا - قد قرّر في كلّ واحد منهما ما هو التخضّع القوليّ - فلذا شرع فيهما التسبيح حسبما في العلل في جعل التسبيح فيهما من التعليل بأن يكون العبد مع خضوعه وخشوعه وتعبّده وتورّعه واستكانته وتذلَّله وتواضعه وتقرّبه إلى ربّه مقدّسا ممجّدا شاكرا لخالقه ورازقه . [2] . وقد ورد في تعدّد السجود وذكره الخاصّ ما يشهد لما مرّ ، حيث إنّه سئل أمير المؤمنين - عليه السّلام - عن معنى السجود ؟ فقال عليه السّلام : « اللهمّ منها خلقتني ، يعني : من التراب ، ورفع رأسك من السجود معناه : منها أخرجتني ، والسجدة الثانية : وإليها تعيدني ، ورفع رأسك من السجدة الثانية : ومنها تخرجني تارة أخرى ، ومعنى قوله : سبحان ربّي الأعلى وبحمده : فسبحان : أنفة للَّه ، وربّي : خالقي ، والأعلى : أي علا وارتفع في سماواته حتّى صار العباد كلَّهم دونه ، وقهرهم بعزّته ، ومن عنده التدبير ، وإليه تعرج المعارج » ، وقالوا عليهم السّلام أيضا في علَّة السجود مرّتين : « إنّ رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - لمّا أسري به إلى السماء ورأى عظمة ربّه سجد ، فلمّا رفع رأسه رأى من عظمته ما رأى ، فسجد أيضا فصار سجدتين » [3] . فالمصلَّي العارف بالسرّ يجعل ما ذكر أو يذكر في توجيه أحكام الصلاة وأقوالها
[1] الحجّ : 77 . [2] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 65 ، عن علل الشرائع : ص 570 . [3] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 65 - 66 .