وأفعالها ذريعة إلى شهود ما هو المخزون عند اللَّه ، المذخور لخواصّ أوليائه ، من الأسماء الحسنى والصفات العليا ، ثمّ يصير إليها بعد أن سار إليها ، إذ السير مقدّمة للصيرورة الَّتي هي السرّ الواقعيّ للصلاة ، وما دون ذلك فكلّ ما قيل أو يقال لها فهي حكم وآداب وسنن لا مساس لها ذاتا بما هو سرّ الصلاة الذي هو الأمر العينيّ التكوينيّ ، وأين هو من المفاهيم الذهنيّة ، أو الأحكام الاعتبارية الَّتي لا أثر لها في الخارج عن نشأة الاعتبار ؟ وحيث إنّ المصلَّي يطوف حول كعبة العزّة بذلَّته ، وعرش الملكوت بالهوان ، وكرسيّ الجبروت بالمهان ، ولدى اللَّه السبحان بالصغار فلذا لا يزين أحواله في الصلاة ، فهو عبد داخر في الحالات كلَّها ، وبذلك يندرج تحت قوله تعالى : « * ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ ا للهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ) * . » [1] . كما أنّ الذي يقدر على القيام ولا يعجز عنه وكذا الذي يقدر على القعود ويعجز عن القيام ، وهكذا القادر على الاضطجاع أو الاستلقاء العاجز عن القعود مندرج تحته ، حسبما روي عن مولانا أبي جعفر - عليه السّلام - أنّه قال : « الصحيح يصلَّي قائماً وقعودا ، المريض يصلَّي جالسا ، وعلى جنوبهم : الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلَّي جالسا » [2] . وعن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله : « المريض يصلَّى قائماً ، فإن لم يستطع صلَّى جالسا ، فإن لم يستطع صلَّى على جنبه الأيمن ، فإن لم يستطع صلَّى على جنبه الأيسر ، فإن لم يستطع استلقى وأومأ إيماء وجعل وجهه نحو القبلة ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه » [3] . وبذلك يظهر : أنّ الخضوع الذي هو روح الصلاة متجلّ في جميع أحوالها ، وهكذا في جميع أفرادها . نعم ، للركوع والسجود خصيصة تختصّ بهما ، حيث ورد : « أنّ العبادة العظمى هي الركوع والسجود » [4] ،
[1] آل عمران : 191 . [2] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 72 - 76 . [3] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 72 - 76 . [4] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 193 .